هي اكلة جنوبية تراثية عريقة، مازالت بعض ربات المنازل والجدات يذكرونها و يقمن بطبخها من حين لآخر، فهي من احدى الاطعمة التي تبرز في ايام الشتاء. ففي السابق كانت تحضر وتطبخ في ايام الثلج وانقطاع الطرقات والمواصلات، فكانت تعرف بالاضافة الى اسمها المذكور بـ "الاسعافية " بسبب اسعافها العائلات آنذاك في ايام الزمهرير والصقيع. وتتكون من مواد موجودة في البيت من الطحين المخزن للطوارئ، البرغل الناعم، زيت الزيتون والحمص المجروش و الكمون بالاضافة الى مياه السماق .
تقول السيدة هلا سعد لـ "بنت جبيل.اورغ"، إن "رصاص عزرائيل" أكلة اعرفها منذ الصغر حين كانت تحضرها المرحومة والدتي، وكذلك اغلب منازل بنت جبيل والبلدات المجاورة ، وتعد وجبة متكاملة تضم اصنافاً كثيرة، و تحضيرها يحتاج الى جهد ووقت، ويمكن إعدادها في وقت الظهيرة كغداء أو في سهرة ليلية تحت ضوء القمر كوجبة عشاء".
وعن مكوناتها كيفية تحضيرها تقول سعد:" يعجن الطحين و البرغل الناعم بالماء الفاتر مع إضافة الملح، ومن ثم نقوم بالعجن دون إضافة أي خميرة للعجين، وبعد الانتهاء من العجن تبدأ عملية تقطيع العجين لقطع صغيرة ومتوازنة بحجم حبة الحمص، بعدها نقوم بفتل القطع لتأخذ شكلاً معيناً، تتابع بالقول" في هذه الأثناء نقوم بغلي الماء مع قليل من زيت الزيتون والملح وقليل من البهارات حسب الرغبة، ثم توضع قطع العجين المحضرة حتى تنضج، ومن ثم نصفي الماء بالمصفاة حتى تنشف، وتوضع القطع في وعاء مسطح كبير حتى يتسع لجميع القطع، وبالمقابل نقوم بتقطيع البصل وفرمه إلى قطع ناعمة، حسب رغبة أفراد العائلة، ونضعه مع الزيت على نار هادئة حتى ينضج ويميل إلى الاحمرار، ثم نضعه مع الحمص المجروش المسلوق فوق القطع بشكل كامل حتى تأخذ كل حبة حقها من الزيت والبصل الذي يظهر نكهتها بشكل لذيذ ورائع، وتصبح جاهزة للأكل فوراً، وفي الحالات الطبيعية، يمكن لربات البيوت إضافة اللوز المحمص لهذه الأكلة، ويوضع بجوارها البصل الأخضر أو الفجل أو اللبن، وهي على العموم تؤكل دون تناول الخبز معها لكونها مصنوعة من القمح، ولكن الكبار في السن يتناولونها مع الخبز وهو أمر يرجع إلى العادة، مع علمهم اليقين بما يسببه ذلك لهم من إرباك معوي لكون هذه الوجبة ثقيلة نسبياً على المعدة". وعن ترابط هذه الاكلة بالكبة حيلة بحامض المعروفة، فتقول سعد هي شبيهة نوعاً ما الا اذا ما استثنيا مياه السماق و بعض الامور".
أما عن الاسم الغريب الذي يطلقه الناس على هذه الاكلة فاجمع عدد من الناس ممن التقيناهم ان " رصاص عزرائيل" أتت من ثقل الحبة التي تنزل إلى المعدة، وهذه الأخيرة تذوق الأمرين حتى تقوم بهضمها، وكأنها تشبه الرصاص، ويمكن من ثقلها أن تؤدي بصاحبها إلى المستشفى حيث ينتظره هناك "عزرائيل"، إذا كانت ملائكة الرحمة في إجازة. وعلى الرغم من ذلك فهي اكلة شعيبة قديمة يعود عمرها لأكثر من قرن مضى و اليوم دونت في سجل الاطعمة التراثية المنسية في اغلب البيوت باستثناء من يهتمون بهذه الأكلات الشعبية لفوائدها و التي تعبر نوعاً ما عن عمق التمسك بتراث الاجداد.
حسن بيضون - خاص بنت جبيل.اورغ