أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

كساد المحاصيل الزراعية يشجّع التصنيع في الجنوب

الإثنين 17 آذار , 2014 09:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 4,312 زائر

كساد المحاصيل الزراعية يشجّع التصنيع في الجنوب

يبذل عدد من المزارعين الفقراء جهداً كبيراً لزيادة إنتاجهم. يعتمدون على ما تيسّر من الوسائل البدائية، لتحويل محاصيلهم إلى منتجات مصنّعة يدوياً، وفق مواصفات صحيّة تشرف عليها جمعيات متخصّصة. هي محاصيل كان يصعب عليهم تصريفها، لكنها اليوم أصبحت سلعة مرغوبة ومربحة، رغم كلفة إنتاجها وارتفاع أسعارها نسبياً.

 

ثمة الكثير من النماذج الجنوبية التي سلكت درب تحويل المحاصيل إلى منتجات أصلية مصنعة يدوياً. خضر سرحان (كفركلا) حوّل مخزونه من زيت الزيتون، الذي لم يستطع بيعه «بسبب المنافسة وزيادة الإنتاج» إلى صابون طبيعي، من أنواع مختلفة، لها فوائدها الصحية المعروفة. سرحان كان قد خضع مع ولده هاني لدورة تدريبية في التصنيع الزراعي أشرفت عليها جمعية الرؤية العالمية.

اعتمد سرحان على مجهوده الذاتي فقط، فهذه الصناعة «لا تحتاج الى رأس مال كبير ولا إلى آلات ومعدات المتطورة، بل إلى أوعية وقوالب بدائية، وأزهار وأعشاب برية». واستشار متخصّصين ساعدوه على تحديد أنواع الصابون الأكثر فائدة والأكثر طلباً من الأهالي، ولا سيما الصابون المصنّع من الزيت المختلط مع الحليب الطبيعي أو العسل أو أزهار الياسمين ونخالة القمح، ولكل منها فوائد خاصة للبشرة والجلد.

سعر الصابونة الواحدة يبدو مرتفعاً نسبياً، فهو يتراوح بين 3000 و7000 ليرة، لكن «عدد الزبائن الى ازدياد» على حدّ قول هاني. هذا المزارع يقول: «الزيت الذي نعتمد عليه يجب أن يكون منتجاً منذ سنتين على الأقل، وهذا يساعد منتجي زيت الزيتون على تصريف منتجاتهم التي لم يتمكنوا من تسويقها وبيعها». ويلفت إلى أن «صناعة الصابون الجيد لا تحتاج إلى الحرارة والنار، بل إلى خلطة دقيقة من الأدوية الطبيعية وإلى عمل مضنٍ».

في المقابل، تنتج تعاونية دير قانون رأس العين أنواعاً جديدة من الخبز التراثي الصحي المصنوع من «البرغل والسمسم والطحين وزيت الزيتون». يحتوي هذا المنتج على الكثير من الألياف ويُطبخ «على نار موقد حطب. يُستخدم للريجيم، ويحتفظ بجودته لزمن طويل». في الماضي، كان هذا الخبز يستهلكه «المسافرون على البغال لمسافات طويلة»، على ما تقول رئيسة الجمعية دعد اسماعيل. التي «تأسست عام 2005، وانتسب إليها عدد كبير من نساء البلدة، اللواتي يساعدن أزواجهن في الإنتاج من خلال تصنيع منتجات طبيعية ذاع صيتها في المنطقة وبلدان الاغتراب».

وفي بلدة دير ميماس (مرجعيون)، أصبحت «الجمعية التعاونية للزراعة العضوية وتربية اللحوم مركز إنتاج لعشرات الأطنان من العسل الطبيعي المركّز، وزيت الزيتون الفائق الجودة والخالي من الأسيد»، بحسب رئيسة الجمعية أمال حوراني. أما زيت الزيتون الذي تنتجه هذه الجمعية، فهو ينافس إنتاج العسل في إيطاليا، وهو أمر ظهر بعد إخضاعه للفحوصات العلمية الدقيقة: «نبيع في إيطاليا وحدها بين 20 و25 طناً سنوياً» تقول حوراني. هذا النوع من الزيت يزيد سعره 30% على سعر زيت الزيتون المتداول في السوق، نظراً الى أن حبات الزيتون يجري اختيارها وقطفها بوساطة آلات قطاف محددة، وفي أوقات محددة، وقبل أن تتعرض للأمطار، وتُعصر في معاصر معقّمة، ثم يُخزّن الزيت في غرف خاصة، بعيداً عن الهواء والشمس. وتعتقد حوراني أن الجمعية تحوّلت إلى حاجة لعشرات العائلات. إذ تخلق هذه الجمعية فرصة لتسويق الإنتاج، وخصوصاً بالنسبة إلى العسل الطبيعي الذي ثبت أنه من أفضل أنواع العسل.

وتعتبر رئيسة الجمعية التعاونية للتصنيع الزراعي في بلدة دير قانون النهر هناء الحسيني، أن «نساء المنطقة يحاولن قدر المستطاع الاستفادة من كل المنتجات الزراعية لتأمين منتجات صحية وخالية من المواد الحافظة، لكننا لا نحظى بأيّ اهتمام رسمي أو بلدي يساعدنا على تصريف منتجاتنا المختلفة، وبالتالي مساعدتنا على تأمين قوت أطفالنا».

في هذا الإطار، تحاول جمعية الرؤية العالمية في الجنوب إقامة دورات متخصصة في التصنيع الزراعي والتسويق، وفق منسق الجمعية التسويقي طلعت بيطار. يوضح الرجل أن «اهتمام الجمعية بالأطفال أوجب علينا الاهتمام بتأمين مصادر دخل لهم، فعمدنا الى دعم الجمعيات التي تهتم بالتصنيع الزراعي، وأسّسنا خمس مجموعات، يعمل فيها أكثر من 170 عائلة، ونحن اليوم بصدد المساهمة في تسويق المنتجات المصنّعة».

أيضاً، لجأت بلدية صفد البطيخ (بنت جبيل) إلى افتتاح أول معرض للمنتجات الزراعية المصنّعة، شارك فيه العديد من الجمعيات برعاية ودعم جمعية الرؤية العالمية، و يشير رئيس البلدية سهاد زين الدين إلى أن «هذا المعرض هو بداية الدعم لعشرات المزارعين والحرفيين المتخصصين في التصنيع الزراعي، والذي من شأنه أن يفتح الباب لجميع المجالس والهيئات المحلية للقيام بما يلزم لتسويق منتجات أبناء المنطقة، في لبنان والعالم». وفي رأيه، أن «تقصير الدولة لا يعني أن نقف مكتوفي الأيدي، لأن الفائدة تعود على الأهالي المقيمين، حتى إن النجاحات المحققة تثبت أن هذا النوع من الإنتاج يستطيع أن ينافس المنتجات العالمية من ناحية الجودة والنوعية، كما بدا واضحاً في البرازيل وإيطاليا».

وفي هذا السياق، عمد اتحاد بلديات جبل عامل الى إنشاء معمل لإنتاج الأجبان والألبان في بلدة حولا (مرجعيون)، ومعمل للحلويات الطبيعية والعربية في بلدة الطيبة، من شأنهما تلبية حاجات المنطقة، بالاعتماد على منتجاتها فقط، كما يقول رئيس الاتحاد علي الزين.

الاخبار

Script executed in 0.19231986999512