أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

قصة ابن حومين التحتا محمد وآلاف اللبنانيين مع اليأس والعوز

الجمعة 09 أيار , 2014 08:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 16,059 زائر

قصة ابن  حومين التحتا محمد وآلاف اللبنانيين مع اليأس والعوز

كان محمد قبل بضعة ايام يقطن وعائلته في بلدة المصيلح وهو من بلدة حومين التحتا في قضاء النبطية، ولكنه اليوم يقطن على الطريق بعد ان طرده صاحب البيت إذ ان محمد تخلف عن دفع الإيجار لثلاثة اشهر، مشيراً الى انه ومنذ يومين ينام على كورنيش الرملة البيضاء بينما عائلته المؤلفة من 4 اولاد، (فتاتان وولدان)، وزوجته بقوا عند احد الجيران، الذين ومن اليوم الثاني باتوا يبدون بعض الانزعاج من هذا الوضع.

لا أخجل من فقري

بغصة كبيرة يروي محمد قصته ليقول : "انا لا اخجل كوني فقيرا، بل ما يزرع الحزن في قلبي هو تخلي دولتي عني، فقد طرقت باب جمعية المبرات في النبطية وكان جوابهم واضحاً، معتبرين ان السوريين في هذه الظروف هم اولى بالمساعدة. وحتى انني توجهت الى مركز للشؤون الاجتماعية في النبطية ايضاً وقال لي احد مرافقي الوزير بالحرف الواحد (نحن مش فاتحين كرخانة)".

ويتابع محمد وهو لا يكف عن البكاء "هذا العام لم استطع ان ادخل اولادي الى المدرسة ابنتي الكبرى بلغت الثامنة عشرة من عمرها بينما الصغرى ما زالت في الثالثة، والصبيان اربعة عشر عاماً وثماني سنوات، لم استطع حتى ان ادخلهم الى المدرسة الرسمية ففي الفترة الأخيرة لم اعد اتمكن من تأمين قوتهم اليومي".

يعمل محمد كما اشار على سيارة اجرة تعود لأحد المكاتب، وهو يدفع بدل إيجارها خمسين الف ليرة يومياً، مؤكداً انه في ايام عديدة لا يعمل بقدر هذا المبلغ، وكان بالأمس يومه الثالث لعدم قدرته على دفع المبلغ، ما يعني ان صاحب السيارة سيأخذها حكماً لأنه ايضاً لديه التزامات عدّة.

ما من احد من اولاد محمد يعمل ولا حتى الزوجة التي وجدت نفسها مشردة بين ليلة وضحاها، موضحاً ان "المنزل الذي كنا نقطن فيه لم يكن فيه اثاث ولا براد ولا شيء معتبر، كنا مكتفين به كسقف ننام تحته وننستر". ولفت الى انه "لدي إخوة كل واحد منهم همه بنفسه، فلا احد يلتفت إلي، احد إخوتي يملك مطعما في عين المريسة طلبت منه ان اعمل لديه ناطوراً ولكنه يخجل بي ويتبع زوجته"، مضيفاً "بينما اهل زوجتي ايضاً من بعلبك وهناك مشاكل ولدت من يوم زواجنا الذي كان على طريقة الخطيفة فلا يمكن طلب المساعدة منهم".

طوال الاتصال لم يكف محمد عن البكاء، والصمت، فالكلام المتقطع، ليختم بالتشديد على انه لا يريد شيئاً لنفسه، بل كل ما يبغيه هو تأمين عيشة بسيطة جداً ولقمة نظيفة لعائلته، وهذا اكثر ما يجعله يتألم انه يشعر بأنه عاجز كما وصف نفسه.

هذه هي قصة محمد وحاله من حال عدد كبير من اللبنانيين الذين وصلوا الى هذا الحد من اليأس والعوز، قصصهم جميعاً برسم وزارة الشؤون الاجتماعية خصوصاً وجميع الوزارات المعنية، وكل الدولة ، فالكل غائب عن القضايا الاجتماعية في الوقت الذي تنشط فيه الساحة اللبنانية بالمواضيع السياسية وتقاسم الحصص والكراسي في حين ان مشاهد الفقر واضحة على الطرقات.

فهل تملك الدولة فعلاً ارقاماً ودراسات تحدد مستوى الفقر في لبنان؟ ولبناني مثل محمد كيف يعيش؟ كيف يعيل عائلته؟ باب من يدق؟ في وقت ان بلدا مثل لبنان لديه تخمة بالصناديق الخدماتية معظمها لا مهام لها.

هناك آلاف مثل محمد، منهم من يموت من الجوع على ابواب المؤسسات التي باتت فعلاً تقدم اولوية لمساعدة اللاجئين السوريين، الذين لا يحسدون على حالهم، بينما كثر ايضاً من اللبنانيين هم مهملون ولا يجدون من يساندهم.

هذه الصورة ننقلها كتنبيه للمسؤولين للتأكيد على ان هناك في لبنان أناسا يعيشون بأقل من ادنى مستويات الفقر.

 

البلد 

Script executed in 0.17658996582031