أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

... وفي مواجهة أبناء القرى المحرّرة

السبت 31 أيار , 2014 08:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 6,540 زائر

... وفي مواجهة أبناء القرى المحرّرة

سخر عدد كبير من أبناء القرى المحررة، التي لا تزال تحتفل اليوم بذكرى تحريرها، من لقاء البطريرك الماروني بشارة الراعي عملاء إسرائيل الفارّين المقيمين في الأراضي الفلسطينية المحتلة. والسبب يعود بحسب محمد حيدر (عيترون) «ليس لمجرّد الزيارة، التي نرفضها، بل لمحاولة تسليط الضوء على قضية العملاء الفارين مع عائلاتهم، واعتبارها مسألة إنسانية، رغم أن أحداً لم يفرض على هؤلاء المغادرة الى فلسطين المحتلّة أو حتى البقاء فيها وعدم العودة».

داني الأمين - الاخبار 

كلام حيدر يمثّل رأي المئات من أبناء الجنوب اللبناني، والقرى المحررة خصوصاً، نظراً «إلى أن العملاء معروفون بمعظمهم بالأسماء والأفعال، وهم لا يختلفون كثيراً عن عملاء آخرين قرروا البقاء في لبنان أو العودة إليه، بعد فرارهم إلى فلسطين المحتلة، ويعيشون اليوم مثل أي مواطن آخر».

ويشير نائب رئيس بلدية عيترون نجيب قوصان إلى «أن العدد الأكبر من عملاء البلدة الذين فرّوا إلى فلسطين أثناء التحرير عادوا إلى بلدتهم وخضعوا للمحاكمة، وأغلبهم لم يسجن أكثر من ثلاثة أشهر»، معتبراً أن «الذين فضلوا البقاء يرغبون في ذلك، ولا يريدون أي نوع من المساءلة أن قرروا العودة، وهذا أمر مستغرب ومرفوض». لا تأخذ العمالة عند الجنوبيين أي بعد طائفي، كما يحاول البعض تصويرها. فقد تعاون مع العدو وجيش لحد المئات من أبناء الطائفة الشيعية، وهؤلاء فرّ عدد كبير منهم إلى فلسطين وقت التحرير، وقد صدرت بحقهم الأحكام المخففة، كغيرهم من العملاء. في 5 تشرين الثاني عام 2011 أقر مجلس النواب اللبناني قانون عودة «اللاجئين إلى إسرائيل»، المقدم من رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون بعد إدخال تعديلات عليه، وهو قانون يسمح لجميع أفراد عائلات العملاء بالعودة. ويشترط خضوعهم عند دخولهم الأراضي اللبنانية للمحاكمة العادلة، الأمر الذي أزعج هؤلاء العملاء، «لأنهم يريدون دخول لبنان من دون أن يتعرضوا للتحقيق ولا للمحاكمة». منذ صدور القانون وحتى يومنا هذا، لم يقرر أحد من هؤلاء العملاء ولا من عائلاتهم العودة إلى لبنان، باستثناء رجلين من كبار السن عبرا الحدود عام 2012 وعادا إلى منزليهما في بلدة القليعة، في قضاء مرجعيون، من دون أن يكون القانون الجديد هو السبب، بل «كبر السن وعدم قدرة هذين العجوزين على البقاء في ذلك المجتمع، الذي يرفضهما وأرادا أن يموتا في أرض بلدتهما، وهما يعلمان أنهما لن يعرضا على المحاكمة»، كما يقول أحد أقربائهما. أحد هؤلاء العملاء، ويدعى شربل توما صرّح لوسائل الإعلام، أثناء زيارة البطريرك الراعي، أن تعامله مع العدو «لا يشكل جرماً بحق الدولة اللبنانية والوطن»، وأن العملاء «يريدون العودة مع ضمانات لسلامتهم». يقول حسن عواضة (كونين): «يعلم جميع الذين تعاملوا مع إسرائيل أنهم لن يتعرضوا لأي اعتداء أو انتقام من الأهالي، وأنهم سيحاكمون بعقوبات مخففة، أقل من تلك التي قد يعاقب على فعلها سارق بداعي الحاجة، لكنهم رغم ذلك يريدون العودة مرفوعي الرأس ومحمولين على الأكتاف». ويبلغ عدد اللبنانيين الموجودين في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1948، نحو 3000 من أصل نحو 7600 فرّوا أثناء التحرير وبعده. لكن القسم الأكبر منهم عاد إلى لبنان، وصدرت أحكام في حق النسبة الأكبر منهم، بالإضافة إلى عدد ضئيل غادر إلى خارج إسرائيل.

 

يرفض الأهالي

اليوم دفن العملاء الذين ذاع صيتهم بالإجرام والترهيب

 

يحاول عدد من أبناء القرى الجنوبية توجيه رسالة إلى البطريرك الراعي، فيقول أحدهم لـ«الأخبار» إن «عدداً كبيراً من أبناء المنطقة، التزم الصمت عند محاكمة العملاء بأحكام مخففة، ووافقوا جميعاً على قرار المقاومة بعدم الانتقام من العملاء الذين ارتكبوا الجرائم بحق المدنيين، لكنهم يرفضون التساهل معهم إلى درجة اعتبارهم مظلومين، ولا سيما هؤلاء الذين فضلوا البقاء في فلسطين المحتلة والتعامل مجدداً مع إسرائيل». ويشير إلى أن «شبكات التجسس التي كُشفت في لبنان، في عام 2009، أثبتت أن عدداً كبيراً من المتعاملين الجدد مع إسرائيل هم من الذين كان لهم ارتباط مع العدو أثناء الاحتلال، وتعرضوا لعقوبات مخففة. حتى إن اثنين من هؤلاء استطاعا الفرار إلى فلسطين المحتلة في أيار 2009، بعد أن كشف أمرهما. أحدهما من بلدة القليعة والثاني من بلدة علما الشعب، وهما اليوم من هؤلاء الذين يريدون العودة من دون محاكمة ومع ضمانات بعدم التعرض لهم. فكيف بالبطريرك الراعي أو غيره أن لا يراعي أمن اللبنانيين ويطالب بعودة العملاء من دون اشتراط خضوعهم للمحاكمة على لأقل؟ ويلفت إلى أنه «رغم ذلك كله، يرفض الأهالي اليوم حتى دفن العملاء الذين ذاع صيتهم بالإجرام والقتل والترهيب في قراهم، كما حصل مع العميل المجرم المعروف بأبي برهان، من بلدة عيترون، الذي مات في فلسطين وأراد ذووه دفنه في عيترون».


Script executed in 0.16713786125183