أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

بسام طباجة.. لم يكن مقاوماً عادياً

الأربعاء 23 تموز , 2014 10:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 4,564 زائر

بسام طباجة.. لم يكن مقاوماً عادياً

 فكان له صولات وجولات معه، قاد من خلالها المقاومين إلى مواقعه مرات عديدة، حيث أوقعوا في صفوفه أفدح الخسائر، إلى أن أصبح واحداً من قادة المقاومة المطلوب رأسهم له. لذلك حاول العدو اغتياله مرات عديدة، وكاد ينجح في إحداها سنة 1993، عندما قصفت المروحيات الإسرائيلية منزله بشكل مباشر، لكن العناية الإلهية أنقذته مع أسرته بقدرة قادر، لتتوالى بعد ذلك محاولات اغتياله، تارة بعبوة، وطوراً بالقصف المدفعي، وأطواراً بملاحقة العملاء ومراقبتهم له.

في مقابل جرأته وشجاعته، وعزيمته الصلبة التي لا تلين، كان أبو مصطفى إنساناً شريفاً، كريماً ومتسامحاً، ظريفاً ومرحاً، حلو المعشر ودمث الأخلاق، محباً للناس محبة نابعة من قلبه الطاهر، متفانياً في سبيل الآخرين من دون غاية أو مصلحة، لم يؤذ أحداً ولم يعتد على أحد، لم يترك للحقد والضغينة أي طريق إلى قلبه، صاحب كلمة مسموعة ومطاعة في مجتمعه وعائلته، ويتحلى بالحكمة والحنكة والانفتاح على الآخرين بمختلف انتماءاتهم وميولهم ومشاربهم الفكرية والسياسية والحزبية والعائلية، مترفعاً عن الأنانية والعائلية والعصبية والقبلية والمصالح الضيقة، ومحباً لعمل الخير والمصلحة العامة أكثر من حبه لنفسه، وبفضل صفاته تلك أحبه الناس، كما أحبهم.

أبا مصطفى، يا أشهر من نار على علم، يا مالئ الدنيا وشاغل الناس، يا قائدنا وبطلنا، يا فخرنا وعزنا، يا تاج رؤوسنا ومبيض وجوهنا، يا مرشدنا وموجهنا، يا سندنا وعضدنا، يا حبنا وعشقنا، يا أعقلنا وأطهرنا وأطيبنا، يا أغلى الأحبة... يا شجرة الخير والمحبة، يا ثمرة الأمان وزرع الحب وحصاد السلام، يا فرح قلوبنا الذي لا يوصف، يا أملنا وصحوتنا، يا حبيب قلوبنا وصديق عمرنا ورفيق دربنا، يا عمراً لا يحلو إلا بوجودك، ونبعاً للحنان لم ينضب إلا باستشهادك، كنا نستمد منك الثقة بأنفسنا، ونستلهم رأيك في كل شدة، ونرفع رؤوسنا عالياً، ونسمو بك عند ذكر اسمك.

عذراً لك يا أبا مصطفى، لأني مهما قلت فيك، ومهما تحدثت عنك، فإن لساني لن يستطيع أن يعبر لك سوى عن نزر يسير مما نكنه لك في قلوبنا من محبة وإعجاب وتقدير واحترام، لذلك تمر الأيام وينقضي الزمان، وأنت باق في عقولنا وفي قلوبنا، وإن استشهدت فسيبقى حضورك طـــــاغياً على كل شيء، فأنت شمس حياتنا المشــــرقة، وقمرنا الذي لا يعرف الخســــوف ونجمنا الساطع الذي لا ينطفئ.

لقد طوى تراب كفرتبنيت التي ولدت وترعرعت وكبرت فيها جسدك، لكنه لن يطوي من أعماقنا وقلوبنا أخاً وصديقاً ورفيقاً ملأ حياتنا فخراً وعزاً وعنفواناً ورجولة وشجاعة ولا أروع، وستبقى يا أبا مصطفى مثلنا الأعلى، ولن ننساك مهما طال الزمن.

عدنان طباجة - السفير 


Script executed in 0.16570496559143