أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

السيد فضل الله ام صلاة العيد في المسجد الكبير بمدينة بنت جبيل

الإثنين 28 تموز , 2014 08:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 8,495 زائر

السيد فضل الله ام صلاة العيد في المسجد الكبير بمدينة بنت جبيل

احتفل مقلدو المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله في مدينة بنت جبيل و جوارها بعيد الفطر السعيد. و في الصباح الباكر ام العلامة السيد محمد علي فضل الله صلاة العيد بالجامع الكبير بوسط المدينة بحضور حشد من المؤمنين.

 

والقى سماحته خطبة العيد جاء فيها:

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمدُ للهِ رَبِّ العَالَمينَ، وَأفَضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ عَلَى أَشْرَفِ خَلْقِ اللهِ وأعزِّ المُرسَلينَ سَيِّدِنَا وحَبيبِنَا مُحَمَّدٍ رسولِ اللهِ وعلى آلهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ وَأصحَابِهِ الأخيَارِ المُنْتَجَبين.

أَشهَدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَه، وأشهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُولُه، أرسَلَهُ بالهُدَى ودِينِ الحَقِّ لِيُظهِرَهُ على الدِّينِ كُلِّهِ ولَو كَرِهَ المُشرِكُون، وأَشهَدُ أنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيبَ فيهَا وأنَّ الله يبعثُ من في القبور وإليه النُّشُور.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، وَأَمِينِكَ وَصَفِيِّكَ، وَحَبِيبِكَ وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَصَلِّ عَلى عَلِيٍّ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، وَوَصِيِّ رَسُولِ رَبِّ العالَمِينَ، وَصَلِّ عَلى سِبْطَي الرَّحْمَةِ وَإِمامَي الهُدى الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ سَيِّدَيْ شَبابِ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَصَلِّ عَلى أَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ وَمُحَمَّدٍ بْنِ عَلِيٍّ وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَمُوسى بْنِ جَعْفَرٍ وَعَلِيٍّ بْنِ مُوسى وَمُحَمَّدٍ بْنِ عَلِيٍّ وَعَليٍّ بْنِ مُحَمَّدٍ وَالحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَالخَلَفِ الهادِي المَهْدِي، حُجَجِكَ عَلى عِبادِكَ وَاُمَنائِكَ فِي بِلادِك، صَلاةً كَثِيرَةً

 دائِمَةً.

ها نحن نقف في السَّاعات الأولى لليوم الأوَّل بعد شهر رمضان، اليوم الأوَّل من شهر شوال، بعد أن تعايشنا مع أجواء شهرٍ كامل، في طاعة الله سبحانه من خلال عبادته، مع الصَّوم والصَّلاة والذِّكر والدًّعاء، وقراءة القرآن والتَّناغم والإنسجام مع النَّهج الذي أراد الله سبحانه أن ننطلق مع أجوائه، وكأنَّه سبحانه أراد لنا أن نبدأ فصلاً جديداً من فصول الحياة بالطَّاعة والانطلاق الأسلم مع الخطِّ الإيمانيِّ الصَّادق مع حركة الإسلام.

ولعلَّ هذا اليوم، هو اليوم الذي أراد المولى سبحانه له، أن يكون عيداً لكلِّ المسلمين ليتعايشوا معه بصدقٍ وجدية، ليرتبطوا من خلاله بالله سبحانه التزاماً بما أمر به، وتقيُّداً بترك ما نهى عنه، واستمساكاً بعروتهِ الوثقى، تمشِّياً مع نهج نبيِّنا المصطفى(ع)، ونهج أئمتنا(ع) فنقيم حركتنا في حركة هذا اليوم المبارك على النهج والأساس الَّذي رسموه لنا من كلماتهم المضيئة، إلهي ربح الصَّائمون وفاز القائمون ونجا المُخلِصون، ونحن عبيدك المذنبون الخاطئون.

إنَّ معنى أن تكون صائماً، هو أن تصوم عن كلِّ ما حرَّمه المولى عليك وعن كلِّ ما نهاك عنه في أيِّ مجالٍ وموقعٍ من مجالات الحياة الفكريَّة والعمليَّة، الماديَّة والاجتماعيَّة والسياسيَّة، بل في كلِّ حركةٍ تأتي بها في الحياة، في عقلك وعاطفتك ومنهجك.

وهذا ما كان يدعونا إليه رسول الله(ص) حين قال فيما وردَ عنه: إنَّ الصَّوم ليس من الطعام والشراب وإنَّما جُعل ذلك حجاباً عما سواها من الفواحش من القول والفعل، ما أقلَّ الصوَّام وأكثر الجوَّاع.

وذلك عين ما رسمه لنا علي(ع) في كلماته، كم من صائمٍ ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش وكم من قائم ليس له من قيامه إلا التعب والنَصب، حبَّذا صومُ الأكياسِ وفطرهم، أي الَّذين ينظرون للأمور بصدقٍ وجديَّة، فيصومون عن كلِّ المعاصي والأخطاء والذنوب.

وذلك هو أيضا ما بيَّنه لنا إمامنا الصادق(ع) في كلماته وهي تُفصِّل الأمور: إنَّ الصوم ليس من الطعام والشراب وحدهما، فإذا صمتم، فاحفظوا ألسنتكم من الكذب وحصِّنوا أبصاركم عما حرَّم الله، ولا تتنازعوا ولا تحاسدوا ولا تغتابوا ولا تماروا ولا تخالفوا ولا تغفلوا عن ذكر الله وعن الصلاة، والزموا السُّكوت، -أي عن الباطل- والصَّبر والصِّدق ومجانبة أهل الشرِّ، واجتنبوا قول الزُّور والكذب والفري والخصومة وظنِّ السوء والغيبة والنميمة وكونوا مشرفين على الآخرة منتظرين لأيامكم.

أيُّها الإخوة المؤمنون. 

هذا شيءٌ من دور الصوم ووظيفته في حياتنا، وعيد الفطر هو عيدٌ لهؤلاء الصَّائمين القائمين الذَّين أدَّى الشهر المبارك فيهم دور الإصلاح، لذلك فإنَّ هذا اليوم هو فرصةٌ سانحةٌ علينا اغتنامها بالتوجُّه الجاد، فالله سبحانه فتح لنا أبوابه على مصاريعها: فقد جاء في الحديث عن أمير المؤمنين(ع) أنَّه قال: إنَّ أدنى ما للصائمين والصائمات أن يناديهم ملكٌ في آخر يومٍ من شهر رمضان: أبشروا عباد الله، فقد غُفِرَ لكم ما سَلَفَ من ذنوبكم، فانظروا كيف تكونون في ما تَسْتَأنِفُون.

 قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر : 53].


والحمدُ للهِ ربِّ العالمين

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدُ لله الذي لا مَقنوطَ مِن رحمتِه، ولا مَخلُوَّ مِن نعمتِه، ولا مُؤيِّسَ من رَوْحِه، نَحْمدُه كما حَمَدَ نفسَه وكَمَا هو أهلُه، ونستعينُه ونستغفِرُه ونستَهديه.


ونشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأنَّ محمَّداً عبدُه ونبيُّه، وأنَّه قد بلَّغَ رسالاتِ ربِّه، وجاهدَ في الله، وعَبَدَ اللهَ حتَّى أتاهُ اليقين.

أيُّها الإخوة المؤمنون.

يحلُّ علينا عيد الفطر هذا العام وعالمنا الإسلاميُّ يغرق في واقعٍ دمويٍّ مأزومٍ، ويواجهُ تحدِّياتٍ سياسيَّةٍ وأمنيَّةٍ كبرى، كما يتعرَّض لمؤامراتٍ تستهدف وحدته وتسعى إلى إسقاطه في دائرة الفتن المذهبيَّة، بما يخدم مشاريع العدوِّ الصِّهيونيِّ والإستكبار العالميّ.

ففي العراق يسقط العشرات يوميًّا بسبب أعمال العنف والإرهاب الَّتي ترتكبها الفئات التَّكفيريَّة الضالَّة، وذلك عبر التَّفجيرات المتنقِّلة في السَّاحات العامَّة المكتظَّة بالنَّاس، وكلُّ ذلك باسم الإسلام والدَّعوة إليه، والإسلام بريءٌ من كلِّ ذلك.

وفي فلسطين نشهد الهجوم الهمجيَّ الصِّهيونيَّ المتوحِّش على غزَّة وأهلها، والَّذي أدَّى حتَّى اليوم إلى سقوط أكثر من ثمانية آلاف شخصٍ بين شهيدٍ وجريحٍ أكثرهم من النساء والأطفال، حيث يَستبيح الصَّهاينة الدَّم الفلسطينيَّ في شهر الله، ويرتكبون أبشع المجازر الدمويَّة، وتستهدف صواريخهم الأطفال والأبرياء في بيوتهم وملاجئهم.

وتواجهُ المقاومةُ الفلسطينيَّة بدعمٍ كبير من محور المقاومة هذا العدوان كلَّه من خلال إعداد القوَّة والثِّقة بالله تعالى، حيث تسطِّرُ أروع الملاحم، وتواجهُ جنودَ العدوِّ، وتوقعُ بهم الخسائرَ البشريَّةَ الكبيرة لتسقط من جديدٍ أسطورةُ هذا الجيش، بعد أن أسقطها أبناؤنا من رجالِ المقاومةِ الإسلاميَّةِ في لبنان، في تموز عام 2006، والَّذينَ باتَت بطولاتُهم تُلهم المقاومين في كل ساحاتِ الصِّراع مع العدوّ، من أجل تحقيقِ انتصاراتٍ جديدةٍ للأمَّة، كما أصبحت هذه المقاومةُ مرتكزَ القوَّةِ الأكبرَ للأمّةِ في مواجهَةِ مشاريعِ الاستكبار، وأدواتِه من التكفيريِّينَ المُفسدِينَ في الأرض.

إنَّ العالم الإسلاميَّ يواجهُ واقعًا مريرًا وخطَّةً استكباريَّةً تهدفُ إلى تقسيمِهِ وتفتيتِهِ وإعادة تشكيل دولِه ليغرق في حروب ونزاعات طويلة تستنزف شبابه وثرواته وطاقاته. لذا علينا ونحن نعيش أجواء عيد الفطر أن نعملَ بإخلاصٍ لدعمِ العاملين المجاهدينَ الصَّابرين، لنتجاوزَ كلَّ حالات الضعفِ فينا ولنواجهَ مطامعَ المحاورِ الدّوليَّةِ والإقليميَّة في ثرواتِنا المادِّيَّة والإنسانيّة، وليمتدَّ العيد بذلك في كلِّ واقعِنا وكلِّ حياتِنا الاجتماعيَّة والسِّياسيَّة والأخلاقيَّة فلا نختصرَه في يومٍ واحدٍ أو ساعاتٍ خاصَّة.


أيُّها الإخوة المؤمنون. 

إنَّ من معاني العيد أن نمتلئ بالفيوضاتِ الرُّوحيَّة والحركيَّةِ لشهر رمضان، فنقاومَ كلَّ واقع الظُّلم والاستكبار، ويرافقُنا ذلك في كلِّ السِّنينِ القادمة من أعمارنا.

نسأل الله تعالى أن يجعله عيدًا للأمَّة تتحرَّك فيه من خلال وحدتها لتحقيق النَّصرِ الكبير بإذن الله

بسم الله الرحمن الرحيم * مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلا مِّنَ اللهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [الفتح: 29]. 

والحمدُ لله ربِّ العالمين.

Script executed in 0.17484307289124