بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة د . مصطفى بزي
بعد ست سنوات ، أي منذ سنة 2008 وفي ذكرى حرب تموز المجيدة التي سطّر فيها شعبنا آيات العز والكبرياء والفخار ، تعود غزة من جديد لتبرز شامخة صامدة في ساحة الاحداث ولتؤكد حقائق لا لبس فيها .
فمن جهة تتأكد الهجمة الصهيونية العدوانية على شعب فلسطين ، على النساء والأطفال والشيوخ ، على الشجر والبشر والحجر ، وبضوء أخضر من الاستكبار العالمي الغربي ، وبتواطؤ وتخاذل وتآمر عربي ، وبأصوات خجولة للغاية من قبل أنظمة ما يسمى زوراً وبهتاناً بالربيع العربي الكاذب ، مقابل صمود المقاومة وشعبها في غزة ، وتحقيق انجازات تعيدنا بالذاكرة الى إنجازات المقاومة في لبنان سنة 2006 ، هذه الانجازات التي تتم بدعم من الشرفاء في هذا العالم من دول معروفة وحركات مقاومة وتحرر معروفة بالاسم ، وبالفعل ايضاً .
ولعل الصواريخ التي تتساقط على كل المدن في الكيان الغاصب ، وعلى كل المستوطنات الصهيونية ، هي خير دليل على ذلك ، وكذلك المواجهات التي تحصل في اكثر من مكان من أطراف غزة .
إنها أيام الغضب ضد الظالمين ، حيث يرفض ابناء غزة الرضوخ للاحتلال وللمستكبرين ، وجبابرة العصر ، إنها أيام التلبية الصادقة للوقوف في وجه الظلم والاستعباد ، انه العدو الصهيوني الذي يصاب اليوم بالهلع والجنون وخيبة الأمل والفشل الذريع ، لم يتعلم بعد أن إرادة الشعب الفلسطيني بنسائه ورجاله وشيوخه وأطفاله ومقاوميه ، أقوى من كل طائراته ومدافعه ودباباته ، ونخب جيشه ، وخاصة لواء غولاني .
لقد آذن الفجر بالبزوغ مرة جديدة هذه الأيام من غزة ، دماء الأطفال من محمد خضير الى أكثر من ثمانمئة وخمسين شهيداً ، وأكثر من خمسة آلاف وخمسمئة جريح هي خزنة وقوة للشعب ، وأن دماء شهداء غزة ستكتب تاريخ الأمة .
أيها المقاومون في غزة ، من كل الفصائل المقاتلة ، تشرق من رحيق أعينكم كواكب ومرجان ، وتزحقُ ما بين أقدامكم والأرض أزمنةٌ وعروشٌ وسلاطين .
أيها الحكام العرب ، انتم شركاء في قتل أطفال ونساء وشيوخ ومقاومي غزة .
أنتم متواطئون مع الصهاينة لتصفية القضية الفلسطينية ...
اذا كنتم تريدون الاستسلام للعدو ، فاتركوا أهل فلسطين يدافعون عن أرضهم وحقهم وعرضهم ، وقِفوا جانباً أو لا تتآمروا لقتل هذا الشعب .
اذا كنتم تريدون الذلّ والخنوع لأنفسكم ، فلماذا تريدون ذلك لأطفال غزة ، لماذا تريدونهم أن يعيشوا أذلاء مستبعدين ؟
أنتم أيها الحكام لا تعبّرون عن ارادة شعوبكم الحقيقية .
أيعقلْ أن تحدث المجازر المتتالية في كل مناطق القطاع ، من الشجاعية الى خزاعة وغيرهما ، وهي المجازر الأعنف والأقوى والأشرس ، والصمت يُطبق على معظم الحكام ، وهم يبخلون حتى بالاجتماع ، والعدوّ ماضٍ في عدوانه ، وانتم تنتظرون ليقضي العدوّ على هذا الشعب .
انه قدر الشعوب أن تصبُرَ وتصمدَ وتقاوم ، والحرية في النهاية لهذه الشعوب ، وليس لكم أيها الحكام الجبناء .
فسلاماً لك يا غزة .
سلاماً للدماء التي أريقت وعَبَقَت بأريجها الأرض الطاهرة .
سلاماً لكل حبة تراب ورملٍ فيكِ يا غزة .
سلاماً لكل حبة تراب ورملٍ فيكِ يا غزة .
سلاماً لكل مكان يستشهدُ فيه أبرياءٌ مظلومون ، ومقاومون يسطّرون أسمى آيات العزّ والفخار ، في زمن الخزي والتآمر والعار العربي .
سلاماً لكل يد تمسك السلاحَ وتقاومُ الأعداء ، ولكل شفةٍ تنطقُ بكلمة حقٍ أمام سلطانٍ جائر .
سلاماً لكم أيها المقاومون في كل السرايا والفصائل ، وأنتم تعطون درساً جديداً في الشهادة ، والدفاع المستميت عن الأرض والمقدسات .
سلاماً لكم وأنتم تعودون لتصوّبوا البوصلة نحو الهدف الأسمى ، فلسطين ، وليس نحو من ساعدكم ، ويساعدكم ، ويمدّ لكم يد العونة منذ بدء انتفاضتكم ، وخاصة سوريا و ايران والمقاومة في لبنان .
قدرُكم يا أهل غزة أن تصمدوا ، أن تستشهدوا ، أن تصبروا ، والحرية والنصر لكم بإذن الله .