وتحدث فضل الله عن التعايش الطوائفي والمذهبي والتنوع الديني والثقافي والادبي في جبل عامل "الذي هو مصطلح ثقافي وتاريخي أكثر مما هو مصطلح جغرافي"، متحدثا عن دوره في القضايا العربية والاسلامية المصيرية كقضية فلسطين ومشاريع الوحدة العربية والاسلامية، معتبرا ان "جبل عامل قد استبق الغرب في مصطلح العيش المشترك إذ طبق هذا المفهوم في كافة مراحل تاريخه تطبيقا تاما".
وقال: "يقول الإمام علي خلال وصيته لمالك الاشتر حينما ولاه على مصر "الناس صنفان: اما أخ لك في الدين، او نظير لك في الخلق"، وتطبيقا لمفهوم الآيات القرآنية التي تحث على العيش المشترك والتعايش".
أضاف: "ان جبل عامل عاش الانسانية والدين بعيدا عن التعصب في سلوكياته ومنهجه ولم يوجه العداء لأحد على أساس العداء والاعتداء، لذلك كان التعايش بين الطوائف والمذاهب حالة نموذجية في تعدد الاديان والمذاهب. وأول صرخة ضد مشروع سايكس-بيكو انطلقت من جبل عامل".
وحدد "تصدي جبل عامل لمشروعين، أولهما العدو الصهيوني الذي يريد تقسيم المنطقة وتفتيتها الى دويلات وطوائف ومذاهب، والمشروع التكفيري الذي يهدف الى نشر العصبيات الدينية والقبلية".
وتطرق الى التاريخ الحاضر "تاريخ الحرب الاهلية التي ظل جبل عامل بعيدا عنها متفرغا لمقاومة اسرائيل"، وذكر بقول الإمام الصدر "أفضل وجوه الحرب مع اسرائيل هو السلم الاهلي".
وعن المحافظة على التعايش قال: "هنا تتعدد الإجابات وأبرزها المقاربة الوقائية التربوية التي تردم كل هشاشة وتسد الثغرات، وإنزال المشروع من مستوى الطبقات السياسية الى مستوى الناس العاديين ليكونوا هم ضمانة هذا التعيش، وإبعاده عن أهواء السياسيين والعابثين".
وذكر بقول والده: "ان اللبنانيين العاديين سبقوا السياسيين ورجال الدين الى الحوار فيما كان هؤلاء ينتظرون انعقاد الجلسات والتي تنتهي الى غير جدوى". وطالب "بتحصين المجتمع بقيم التعايش وإدخالها في المناهج التربوية لبث مناخ العيش المشترك".
وختم: "لا يمكن للعيش المشترك ان يستمر الا في إطار الوطن والدولة العادلة والقادرة على ردع مصادر الخلل والخطر التي تضرب الموقع الديني والسياسي، حيث لا يمكن لمنطقة لبنانية بمفردها ان تواجه تلك التحديات".