"عجقة كثير اليوم"! جولة واحده في السوق تكفي لسماع هذه العبارة. فالسوق يعج بالناس من أهل البلدة و خارجها.
كل ما يحتاجه المرء يُدركه من ألبسة و مواد غذائية و مؤونة، و قرطاسية و ألعاب و غيرها. و كذلك البضائع تناسب مختلف الفئات، و تنافس أسعار المحلات. و لا يسلم من المنافسة إلا أصحاب الحلويات، إذ ليس هناك باعة للحلويات العربية غير محلات أبناء البلدة. و لا حلوى عند "البنت جبيليين" أشهى من "المرشوشة" الخاصة بهم.
سوق الخضار انفرد بقسمه الخاص "السوق التحتاني"، الذي تشاطره الملحمات قسم من محلاته. و حيث تفوح روائح الخضار البلدية بمعظمها، لا يلمح الكثير من الصبايا أو الشبان و الشابات، إنما يقصده غالباً الأهالي "دغشه" أي باكرا ليبتاعوا حصتهم من اللحمة الجيدة قبل نفاذها. و السير المبكر نحو السوق يهون في سبيل "الفراكة"، مائدة الخميس.
و الجدير بالذكر أن هذه العادات مستمرة منذ القِدم. فالحروب الإسرائيلية لم توقف استمرارية السوق التاريخية. و بنت جبيل كما البلدات المجاورة لا تزال تحافظ على سوقها كل خميس، و لكل بلدة يومها. إلا أن سوق البلدة كان نقطة استقطاب لكبار تجار المنطقة و فلسطين.
إذاً على وقع الأناشيد الثورية و انغام الدبكة احياناً، دارت العجلة الإقتصادية، رغم أنف الأوضاع المعيشية الصعبة. و السوق الذي أُعيد تشييده بعدما هدمه العدو الإسرائيلي عام 2006، لا يزال يحافظ على بساطته العربية. فتسيجه القناطر، و يكلله الإمتداد الأرضي المؤقت "للبسطات"، في ظل ترف الأسواق العالمية التي صار اسمها "مولات".
تقرير داليا بوصي - تصوير علي ادريس و حسن بيضون