سمِعنا و أطعنا، لن نقِف متفرِّجين على الباطل، لن نخذُل الحق، عبارات تختصرها كلمة "لبيك". هكذا جدَّدَت بنت جبيل عهدها العاشورائي للإمام الحسين (ع). أجابت سؤاله "هل مِن ناصر؟" بلبيك سيدنا الكلُّ حاضر. و هي التي لم و لن تبخل بتقديم الشهداء قرابين للبنان.
لم يحدّ التكفير من الإرادة، و كما جرت العادة توافدت جماهير الحسين باكراً إلى مجمع آل البيت (ع) الذي ما وسعَهُم رغم كِبَره. فالشعب الذي لا يرهبه تحليق الطيران الإسرائيلي الكثيف طوال اليوم، لا تُرهبه التهديدات. إذاً، غطوا الطرقات، و استمعوا للمصرع الحسيني الذي تلاه سماحة السيد إسماعيل حجازي. و وَسطَ الإجراءات الأمنية، جابوا شوارع البلدة و كأن "كل قطرة دمٍ في شريانهم تهتفُ باسم الحسين".
"جئنا إلى هنا موطن الإباء"، هكذا بدأ فضيلة الشيخ نبيل قاووق كلمته مثنياً على انتصارات المقاومة في مواجهة الإرهاب التكفيري كما الإسرائيلي. و تابع قائلاً أن النصرة و داعش فشِلوا في إرهاب شعب المقاومة، و كسرِ قرار المقاومة، و في نيل ذرَّة من كرامة المقاومة.
مسيرة البلدة تقدّمَها أولئك المُكللة رؤوسهم بالشعارات العاشورائية، و لسانُ حالهم " صغيراً و احتوى قلبي هواكَ". هكذا مشى الأطفال في مجموعاتٍ منتظمة، مرددين الصرخات الولائية. و الرُّضّع أيضاً حُمِلوا اسوةً برضيع الحسين، هم أصغر من أن يفقَهوا ما جرى، و لكن يؤمن الأهالي أن لحضورهم في الصِّغر أثرٌ على شخصيتهم في الكِبَر.
كذلك لا تكتملُ المسيرة دون حضور كبار السن، الذين ساروا ببطءٍ، لطموا، كبّروا، لبّوا، بعدما غسلوا شيبَ وجوههم بجريّ دموعهم.
من جهةٍ أخرى، أقفلت الجامعات و المدارس أبوابها، فالصرحُ التعليمي لليوم هو المنبر الكربلائي.
و مع تعالي صوت سماحة السيد نصر الله (السِيِّد) على الشاشات في الساحات، انتهت المسيرة العاشورائية، و لم تنتهي السيرة الكربلائية. فالوضع الراهن يؤكد أن "كل يومٍ عاشوراء و كل أرضٍ كربلاء". و نسأل الله بحق عطش الحسين، أن يروي ضمأ بنت جبيل، و يحفظها و لبناننا من كل سوء.
عظم الله أجورنا و أجوركم.
تقرير / داليا بوصي
تصوير / حسن زريق - احسان بزي - علي.ن. ادريس - حسن بيضون