خطبة الجمعة لسماحة العلامة السيد محمد علي فضل الله في مسجد بنت جبيل الكبير - الجمعة 14 محرَّم 1436هـ الموافق 7 تشرين الثَّاني 2014م
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمدُ للهِ رَبِّ العَالَمينَ، وَأفَضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ عَلَى أَشْرَفِ خَلْقِ اللهِ وأعزِّ المُرسَلينَ سَيِّدِنَا وحَبيبِنَا محمَّد رسولِ اللهِ وعلى آلهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ وَأصحَابِهِ الأخيَارِ المُنْتَجَبين.
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [آل عمران: 104].
مرَّت علينا منذ أيام ذكرى عاشوراء، والَّتي نقف عندها مع مطلع كلِّ عامٍ هجريٍّ، لنطلَّ من خلالها على آفاق شخصيَّة الإمام الحسين(ع) وعلى ما تختزنه هذه الشَّخصيَّة من ريادة ومُثُلٍ إسلامية صافية ومنهجٍ حقٍّ، يضيء لنا، في حياتنا الرُّوحيَّة والفكريَّة والعمليَّة.
وأيَّامُ عاشوراء تشكِّلُ فرصةً لنعايش شخصيَّة الحسين(ع)، وندرس فكره، ونطَّلعَ على نهجه وطروحاته في قضايا الحقِّ والعدالة والثورة على الظالم واستنهاض الأمَّة في حركتها نحو الحرِّيَّة والتَّقدُّم الحضاريّ.
لقد خرج الحسين(ع) في ثورة على الحكم، وكان هناك أسباب ودوافع عديدة أوصلته إلى هذا الخروج، فبعد موت معاوية وسيطرة ابنه يزيد على الحكم من بعده، وإرساله الكتب والرسائل إلى أقطار الدَّولة الإسلاميَّة طالبًا أخذ البيعة العامَّة له من النَّاس، خرج الإمام الحسين(ع) من مدينة جدِّه(ص) باتِّجاه مكَّة، ثمَّ تحرَّك منها باتِّجاه الكوفة، معلنا الثَّورة على الحكم الجديد.
وهنا لسائلٍ أن يطرح سؤاله: لماذا كانت حركته الاحتجاجيَّة هذه؟ ولماذا أقدم عليها رغم فداحة تكاليفها؟ وهل نستنتج من هذا الحراك التَّاريخيِّ أنَّ الحسين(ع) كان طالب حكم، وساعيًا من أجل ترؤُّس دولة؟ خصوصاً وأنه أُقصيَ فترة طويلة عن هذا الموقع الَّذي يعتبر نفسه أولى الناس به، لأنَّ أحد أهمَّ شروطِ الصُّلح الَّذي تمَّ بين أخيه الإمام الحسن(ع) وبين معاوية، أن تكون الخلافة بعد معاوية للحسن(ع) ثمَّ للحسين(ع)، وعليه فإنَّ تسلُّمَ يزيد للخلافة، وسيطرته على أمرها، يتنافى مع هذه الاتفاقيَّة، ومن أجل ذلك تحرَّك الحسينُ(ع) لتحقيق هذا الهدف واسترجاع الخلافة.
وربَّما يحاول البعض نفي ذلك انطلاقاً من أنَّ الحسين(ع) ليس طالب دنيا، لأنَّ الَّذين يلهثون خلف الحكم والرِّئاسات والمُلْك هم طلَّاب الدُّنيا، أما طلَّاب الآخرة فهم الزَّاهدون، الرَّافضون لكلِّ مُتَع الدُّنيا ومواقعها. والحسين(ع) هو الإمام المعصوم الَّذي لا تغرُّه الدُّنيا، ولذلك لا يمكن أن يكون الهدف من حركته هو الوصول إلى الحكم والإمساك به.
ولعلَّ هذا التَّفكير ينطلق من الفكرة المرتكزة في أذهان النَّاس، أنَّ الحاكم هو الَّذي يعيش أجواء التَّرف المادِّيِّ والمعنويِّ، ويسعى إلى الحصول على التَّعظيم والتَّقدير وتلبية حاجاته المختلفة مع غضِّ النَّظر عن شرعيَّة الأهداف أو شرعيّة وسائل الوصول إليها، حتَّى لو كان الحاكم في ظاهره متديِّناً. وهذا ما لمسناه واضحاً في الَّذين تسلَّموا مقاليد الخلافة الإسلاميَّة، في مختلف عصورها ومواقعها لدى الأمويِّين والعبَّاسيِّين بالخصوص، ومن عاصرهما أو جاء بعدهما من الحكَّام والخلفاء.
ولكنَّ هذا الطَّرح وهذا الرَّأي الَّذي لا يقبل بكون طلب الحكم هدفًا من أهداف الثَّورة الحسينيَّة، لا يقف كثيرً أمام النَّقد الجاد، لأنَّ الحكمَ قد يكون من أجل تلبية الشَّهوات والحاجات والمطامع الشّخصيَّة والذَّاتيَّة، والوصول إلى مواقع الجاه والعَظَمة، وقد يكون الحكم في المقابل، حركةً وموقعًا يقودان إلى بناء نهجٍ وخطٍّ رساليٍّ يعمل على النُّهوض بالأمَّة من تخلُّفها وتصحيح مساراتها للسَّير بها في طريق الحضارة الإنسانيَّة والإيمانيَّة الواسعة الَّتي يريد الله من خلالها للإنسان أن يعمر الأرض ويُحسن خلافته فيها.
واللهُ حينَ أنزل الإسلام كتشريعٍ ومنهج حياة، لم ينزله لكي يتجمَّد في الكتب والطقوس العباديَّة المختلفة، بل أرادسبحانه للدِّين أن يتحرَّك في حياة المسلم، ويحرِّكها، لينتج من ذلك خير الإنسان كلِّه في كلِّ أنحاء الأرض. وذلك تحت نظر وإشراف الأنبياء والأوصياء المؤهَّلين، والمُختَارين من قِبَل اللهسبحانه، لقيادة مسيرة الأمَّة ورعايتها.
والحسين(ع) يمثِّلُ في فكره ومنهجه امتدادًا لفكر ومنهج جدِّه النَّبيِّ(ص) وأبيه عليّ(ع)، وقد كان رسول الله(ص) حاكمًا وقائدً للأمَّة الإسلاميَّة، وقد كان عليٌّ(ع) كذلك حاكمًا وقائدًا للأمَّة الإسلاميَّة، لذا فبإمكاننا أن ندَّعي أنَّ أحد أهداف ثورة الحسين(ع) هو الوصول إلى الحكم ورئاسة الدَّولة، وأنَّ التَّاريخ يثبت أنَّه(ع) عمل لتحقيق ذلك حين تهيَّأت له أسبابه، وكان هدفه من ثورته أن يقيم صرح الحق، وأن يجعلَ رسالة اللهسبحانه تحكم السَّاحة.
ويمكن لنا أن نطلَّ على التجربة النبويَّة وعلى تجربة أمير المؤمنين في الحكم، لنرى كيف أنَّ السَّعي إلى الحكم لا يمثِّل قيمة سلبيَّة فيما لو كان الهدف منه إقامة الحقِّ والعدل.
لقد كان محمَّد(ص) رئيس دولة، وقائد أمَّة، لكنَّه عاش بساطة الحاكم، فقد كان يجلس بين أصحابه في المسجد، وليس له صفة مميِّزة له عن غيره من المسلمين، حتَّى أنَّ الدَّاخل إلى المسجد كان يسأل: أيُّكم محمَّد حتى أكلِّمه؟
ونقرأ في سيرة النبيِّ(ص) أنَّه لم يميِّز نفسه عن أصحابه وأتباعه، في شكله ومظهره وأسلوبه، وقد جاءته امرأة حتَّى تكلِّمه فلمَّا رأته تلعثمت في كلامها وصارت ترتجف لشدَّة هيبته، فصار(ص) يخفف عنها ويقول لها: إنَّما أنا ابن امراة كانت تأكل القديد بمكة.
وكان علي(ع) أيضًا رئيس دولة، وهو الَّذي أعجز من يأتي بعده، حين جسَّد مسؤوليَّة القيادة كأفضل حال.
وممَّا يروى عن فترة حكم عليٍّ(ع) أنَّ رجلاً من أصحابه اسمه العلاء بن زياد قال له: يا أمير المؤمنين أشكو إليك أخي عاصم بن زياد، قال: وما له؟ قال لبس العباءة وتخلَّى عن الدنيا. قال عليَّ به . فلما جاء قال: يا عُديَّ نفسه -أي عدوَّ نفسه- لقد استهام بك الخبيث-أي الشَّيطان-، أما رحمت أهلَك وولدك؟ أترى الله أحلَّ لك الطيبات وهو يكره أن تأخذها؟ أنت أهون على الله من ذلك. وهنا يأتي محل الشاهد، حين قال عاصم: يا أمير المؤمنين هذا أنت في خشونة ملبسك وجشوبة مأكلك. قال: ويحك إنِّي لستُ كأنت، إنَّ الله فرض على أئمة العدل أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس كي لا يتبيَّغ بالفقير فقره-أي حتَّى لا يحزن الفقير بفقره ويرى أنَّه وحيد منبوذ لا يلتفت إليه أحد-. إنَّه منهج يرسمه الحاكم الصَّالح، أَوَ أبيت مِبطانًا وفي الحجاز أو اليمامة من لا طَمَعَ له بالقُرص، ولا عهدَ له بالشَّبَع؟ لقد جسّد(ع) هذا الواقع في أسلوبه ونهج.
وحين نقترب أكثر من سيرة علي(ع) في حكمه، نفهم خطَّ ومنهج ولده وتلميذه الحسين(ع) حين يطلب الحكم ونفهم دوافعه لذلك، حيثُ يحدِّثنا سعيد بن قيس الهمدانيِّ أنَّه: رأى أمير المؤمنين(ع) يوماً في شدة الحرة، في فناء حائط، فقال: يا أمير المؤمنين، بهذه السَّاعة؟ قال(ع): ما خرجت إلا لأعين مظلومًا، أو أغيث ملهوفًا.
هذا هو منهج علي(ع) كما كان منهج رسول الله(ص)، فهو الحاكم الَّذي يتواضع حتَّى يساوي نفسه بأضعف النَّاس، وهو الحاكم الَّذي يسير في رعيَّته بسيرة العدل والإنصاف، من أجل النُّهوض بالأمَّة إلى المستوى الفكري والثَّقافيِّ والعلميِّ الَّذي تصير مؤهَّلة من خلاله للخلافة الإلهية في الأرض من خلال إعمارها، فكان عليٌّ(ع) المثل الأعلى الَّذي أعطاه الأهليَّة لموقع الولاية والإمامة. وهذا هو الخطُّ الَّذي يمثِّله أهلُ بيت النبوَّة(ع)، وهذا هو منهج الحسين(ع) حين يقول في كربلاء: إنّي لم أخرج أشِراً ولا بَطِراً ولا ظالماً ولا مُفسِداً وإنَّما خرجتُ لطلب الإصلاح في أمَّة جدِّي رسول الله(ص)، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر.
لقد كانت أهداف الإمام الحسين(ع) في عاشوراء تتمثَّل بعمليَّة إصلاح الواقع الفكريِّ والعمليِّ والاجتماعيِّ، بعد أن تولَّى شؤون الأمَّة حاكم فاسد فاقدٌ للأهليَّة كيزيد، فهو شارب للخمر قاتل للنَّفس المحترمة معلنٌ بالفسق لاعبٌ بالقرود والفهود، منصرفٌ إلى حياة اللَّهو والمجون.
ولقد أراد الحسين(ع) أن يتولَّى الحكم لكي يحكم بين النَّاس بما أنزل الله، ولكي يصلح مسيرة الأمَّة، وقد جسَّد(ع) عمليَّة الإصلاح من خلال الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر حتَّى وهو خارج السُّلطة، وكان الحسين(ع) قد تحدَّث وهو يخاطب أهل الكوفة، قائلًا لهم: ألا ترَوْنَ إلى الحقِّ لا يُعملُ به، وإلى الباطل لا يُتنَاهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء ربه محقًّا فإنِّي لا أرى الموت إلَّا سعادةً والحياةَ مع الظالمين إلا بَرَمًا.
وهو بذلك يحمِّلُنا هذه المسؤوليَّة، مسؤوليَّةَ الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، الَّتي ركز الإسلام عليها كثيراً من خلال القرآن ومن خلال سنَّة رسول الله(ص): ولْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[آل عمران:104]، وجاء فيه أيضًا: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ [آل عمران:110].
وقد وردت الأحاديث الكثيرة في الدعوة إلى الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، فيروى أن النَّبيَّ(ص) قال لبعض أصحابه وقد عزم على الزُّهد في الدُّنيا والتَّرهبن: يا سعد لم تصنع شيئاً، كيف تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر إذا لم تخالط النَّاس؟ ثمّ قال(ص): بئس القوم قوم لا يأمرون بالمعروف ولا ينهَوْنَ عن المنكر، بئس القوم قومٌ يقذفون الآمرين بالمعروف والنَّاهين عن المنكر، بئس القوم قومٌ لا يقومون لله تعالى بالقسط، بئس القوم قومٌ يقتلون الَّذين يأمرون النَّاس بالقسط في النَّاس، والقتل كما يكون مادِّيًّا، يكون كذلك معنويًّا. وعنه(ص) أيضًا أنَّه قال: إنَّ اللهعزَّ وجلَّ ليبغض المؤمن الضَّعيف الَّذي لا دين له، فقيل له: وما المؤمن الَّذي لا دين له؟ قال: الَّذي لا ينهى عن المنكر.
وعن علي(ع): لتأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر أو ليستعملنَّ عليكم شرارَكم، فيدعو خيارُكم فلا يُستجاب لهم.
إن المسؤوليَّة مسؤوليَّة مباشرة من الله فعلينا إذا أردنا حقاً إحياء عاشوراء وتذكُّر الحسين(ع) أن نسعى في تحقيق طروحاته وأهدافه الَّتي هي طروحات وأهداف الإسلام، وأن نجهد في إصلاح المجتمع من حولنا في طريقنا لإصلاح الأمَّة كلِّها والإنسانيَّة كلِّها، فكلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّته. أن نرفض المنكر ولا نقرَّ فاعله، سيَّما حين يتَّجه المنكر في اتِّجاه تعطيل فاعليَّة العاملين في سبيل الله فذلك يمثل أشدَّ حالات الظلم ما يجعلنا في معسكر الظُّلم والفساد اليزيديِّ الَّذي وقف في وجه الحقِّ الحسينيِّ الكربلائيِّ. إنَّكم تقولون في هتافاتكم: لبَّيك يا حسين، ولكن هل أنتم معه حقًّا؟ أنظروا في نفوسكم هل تميل إلى الحقِّ أم إلى الباطل؟ واعرفوا موقعكم من الحسين(ع).
أيُّها الإخوة المؤمنون، إنَّ علينا ونحن نعيش أيَّام عاشوراء أن نكون الواعين لكلِّ ما يحوكه لنا أعداء الإصلاح وأعداء الإنسانيَّة الَّذين يغرقون في فسادهم ويريدون للنَّاس أن يسكتوا عن ذلك كلِّه، ولذلك علينا أن ننظر بوعي إلى ما يجري حولنا في هذا العالم الملتهب حيثُ يعيش عالمنا الإسلامي، تحت وطأة المؤامرات الإستكبارية التي تسعى إلى إسقاط كل مواقع القوة فيه، من خلال إستخدام أدوات تكفيرية بهدف إسقاط الإسلام من الداخل، حيث ان أبرز أهداف هؤلاء، تمزيق الساحة الإسلامية و نشر الفتن المذهبية فيها، وقد قاموا ببث حقدهم وسمومهم عبر التعرض لمراسم عاشوراء، حيث سقط خمس شهداء في منطقة الأحساء جراء اعتداء ارهابي إستهدف المواطنين الأبرياء العزّل الذين كانوا يحيون ذكرى الحسين(ع) سبط رسول الله(ص)، وهذا يمثل قمة الجبن والإجرام والهمجية الذي يأتي كنتيجة طبيعية للتحريض المذهبي الذي تقوم به بعض الأنظمة المتخلفة والعميلة، التي تنشر الفكر التكفيري الشاذ، الذي لا يكتفي بتكفير المسلمين الشيعة، بل يكفر كل من يخالفونهم الرأي.. لذلك، فأن من يسمح بنشر هذا الفكر هو المجرم الحقيقي، مهما إدّعى محاربة الارهاب.
ولم تقتصر الهجمات الارهابية على الأحساء، بل امتدت الى باكستان والعراق ونيجيريا، بما يوضح مدى الحقد الذي يحمله هؤلاء، الذين يصبّون جام غضبهم على المسلمين، ولا يقومون بأي تحرك في مواجهة العدو الصهيوني... مما يوضح عمالتهم وتبعيتهم له، حيث يقدمون خدمة كبيرة للعدو الصهيوني الذي يستغل اوضاع العالم الاسلامي، ليشدد قبضته على القدس، ويحاصر المسجد الاقصى الشريف، الذي يدنسه جنود الإحتلال المسجد الشريف، ويقومون بإقتحامه ويمنعون المصلين المسلمين من الدخول إليه، في حين يطلقون الحرية لليهود بالتجول في باحاته، كل ذلك بهدف تكريس واقع جديد وفرض التقسيم «الزماني والمكاني» على المسجد في تكامل مع مشروع التهويد النهائي للمدينة المحتلة.
وفي حين يقف العالم الإسلامي صامتاً أمام هذا التمادي الصهيوني، ينبري سكان القدس للدفاع عن المقدسات بصدورهم العارية، رغم افتقارهم إلى السلاح والعتاد، فبعد محاولة إغتيال الحاخام اليهودي المتطرف ، قام مجاهد فلسطيني ، بصدم مجموعة من حرس الحدود الصهاينة بسيارته ، ما أدّى إلى مقتل شرطي إسرائيلي من حرس الحدود وإصابة ثمانية آخرين.
وقد شكلت هذه العملية، رداً أوَّلياً على جرائم الاحتلال بحق المسجد الأقصى وسعيهم لتحقيق الحلم الصهيوني، وإقامة الهيكل اليهودي مكانه، بما يحقق المخطط التهويدي للعدو..
إن هذه الإعتداءات الصهيونية التي تتم في ظل صمت عربي وإسلامي كبير، تكشف كل الأدوات التكفيرية، التي لا ترفع سلاحها إلا على المسلمين في حين يأمن العدو أذاها، لأنها صنيعته التي تقوم بخدمة مشروعه الإحتلالي.
لذلك، لابد من أن يرتفع الصوت عالياً، في كل العالم الإسلامي للدفاع عن أولى القبلتين، وإطلاق شرارة إنتفاضة جديدة، تعيد تصويب البوصلة إلى العدو الحقيقي، وتؤشر من جديد إلى حقيقة الصراع التي لم تتغير، رغم تغير الوجوه والأقنعة، لأنها معركة الحق ضد الباطل ومعركة الحسين ضد يزيد، وضد كل الطغاة والظالمين والمفسدين، في كل زمان ومكان..
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالمُؤْمِنُونَ {التوبة:105} والحمدُ للهِ ربِّ العالمين