الأمر صادر بقرار قضائي، إلا أنه يتصل بمصالح أشخاص اشتروا عقارات على الواجهة البحرية وقرروا تحويلها الى منتجعات سياحية لا تتواءم مع وجود مخيم فلسطيني
قبل عشرة أيام، حضرت قوة من مفرزة الشواطئ في قوى الأمن الداخلي، أجرت مسحاً للبيوت الـ 340. ولدى استفسار السكان عن السبب، قالوا إن الدولة تحصي أملاكها البحرية على طول الشواطئ. لكنهم عرفوا بالسبب الحقيقي عن طريق الصدفة. أحد السكان، أحمد درويش قصد المفرزة للشكوى من عدم إحصاء منزل ابنه، ظناً منه أن الهدف توزيع مساعدات. هناك علق في شباك الدولة. فهو المخالف الذي يعتدي على حقوق الدولة. تبلغ بأن هناك قراراً قضائياً بإزالة التجمع.
«ماذا أفعل أنا وأولادي العشرة وأنا لا أملك القدرة على تأمين منزل بديل؟» سأل درويش. وضع عناصر المفرزة ملاحظة بوضعه الاجتماعي على هامش المحضر الذي تعهد فيه بإخلاء منزله وجرفه خلال 15 يوماً، موقّعاً على أقواله. ونقل درويش عنهم أنهم سيبدأون بتبليغ جملة السكان بالحضور إلى المفرزة والتوقيع على تعهدات مماثلة وإزالة التجمع خلال تلك المدة. ومن لا يلتزم بالتبليغ والتعهد، تسطر بحقه مذكرات توقيف.
مسؤول اللجنة الشعبية في التجمع حمد درويش أكد لـ«الأخبار» أن اللجنة «لم تتبلغ رسمياً من أي جهة بالأمر».
مستثمرون نافذون اشتروا الواجهة البحرية المحيطة بالتجمع من الشمال والجنوب
حتى ذلك الحين، لا يملك تحديد مصير مئات العائلات المقيمة. «جميعهم لا يملكون مساكن بديلة». أما رئيس بلدية العباسية علي عز الدين (يقع التجمع في نطاقها العقاري)، فنفى لـ«الأخبار» علمه بالقرار، مشيراً إلى أن التجمع والطريق الرئيسية المحاذية يقعان على عقار تابع لمصلحة سكة الحديد.
لكن ما هي خلفيات القرار؟ مصادر مواكبة للقضية أوضحت لـ»الأخبار» أن عدداً من مالكي العقارات الخاصة المحاذية للتجمع رفعوا دعوى قضائية ضد وكالة الأونروا، تطالب بإزالة التجمع لأنه يعتدي على الأملاك العامة ويؤثر على أملاكهم. الحكم القضائي صدر عام 2009 قضى بالإزالة. المصادر لفتت إلى اتفاق عقد قبل ثلاث سنوات مع وكالة الأونروا وجهات فلسطينية يقضي بتأمين قطعة أرض في منطقة الشواكير بمحاذاة مخيم الرشيدية تستأجرها الوكالة من الدولة وتخصصها لبناء مساكن بديلة لفلسطينيي جل البحر. وبحسب المصادر، فإن مهلة تنفيذ الاتفاق حانت الآن، ما حدا بالقوى الأمنية إلى تبليغ سكانه بالإخلاء. لكن كلاً من مسؤول اللجان الشعبية في لبنان أبو إياد شعلان ومسؤولها في صور خليل نصار نفيا لـ»الأخبار» علمهما بأي اتفاق. شعلان حمل المسؤولية للوكالة «لأن الخطوة تنذر بخطوات مماثلة في التجمعات الأخرى». أما نصار فقد جزم برفض السكان إخلاء منازلهم قبل تأمين مساكن بديلة. شعلان لفت إلى اتصالات أجراها أمين سر فصائل منظمة التحرير الفلسطينية فتحي أبو العردات بالرئيس نبيه بري الذي وعد بمتابعة الأمر والتوصل إلى حلول، في حين تباينت المعلومات بين تأكيد تأمين الوكالة للمكان البديل وبين العكس.
لكن القصة ليست غيرة على الأملاك البحرية العامة. فالتجمع قائم منذ عام 1952 بموافقة الحكومة اللبنانية وبتنسيق مع الأونروا وأخذ يتمدد على نحو تدريجي. لكن المستجد أن مستثمرين نافذين اشتروا الواجهة البحرية المحيطة بالتجمع من الشمال والجنوب ويخططون لاستثمارها سياحياً. «لكن بيوت الصفيح وألواح الزنك تشوه المنظر وتحجب الشاطئ»، علماً بأن فندقاً مؤلفاً من مبان عدة أنجز في السنوات الأخيرة، لكن افتتاحه ينتظر «إزالة التشوه». أحد المستثمرين عرض على عدد من السكان دفع 70 ألف دولار كبدل إخلاء لكل منزل. لكن العرض قوبل بالرفض.
آمال خليل
الأخبار - مجتمع واقتصاد
العدد ٢٥٧٧ الثلاثاء ٢٨ نيسان ٢٠١٥
http://al-akhbar.com/node/231586