يصنّف "الفريك" ضمن أشهر الأكلات الشعبية المتعارف عليها في مناطق مختلفة من جنوب لبنان. كما يرجع كبار السن قصة ابتكاره إلى حادث مأساوي، حيث غزا الجيش الروماني جنوب لبنان و أحرق جميع حقول القمح التي وقعت تحت سيطرته. وبعد أن وضعت الحرب أوزارها، عاد الجنوبيون و لم يجدوا ما يقيتهم غير القمح المحروق (المشوي). و من منطلق "رب ضارة نافعة"، صار شيّ القمح عادة جنوبية.
ففي مثل هذه الأوقات بين شهري نيسان و أيار، ينهمك مزارعو المنطقة في تحضير "الفريك". و منهم الحاج أبو فهد، الذي يحصد سنبلات القمح الخضراء، و يشويها إلى أن يسوَدَّ لونها وتحترق أشواكها. و أحياناً ينصب لها بعض المزارعين إطار معدني مشبّك، ويستعمل لهذا الغرض عادة سرير قديم "رفّاس". يوقد البلان تحت الشبك ويرمي المزارع السنابل على الإطار.
بعدها يحين دور الفرك، العملية التي اشتق اسم "الفريك" منها، و ذلك بغية فصل حبات القمح عن بقايا القشور المحروقة. وعقب التنظيف، تُذرّى تحت أشعة الشمس لتجفّ. ثمّ يتم تحميلها الى آلة الدرّاسة، لتباشر بعدها مهمّة النخل أو الغربلة. و ختام العملية توضيب "الفريك" و طرحه في الأسواق اللبنانية الشعبية. لتكون الأسواق ممر "الفريك" إلى مخازن المونة في البيت الجنوبي .
فبعد مجهود أبو فهد، الدور لجهود ربة المنزل لتضم طبق "الفريك" إلى مائدتها. و هو الطبق الجنوبي الصامد في وجه "الوجبات السريعة".
