أضاف الشيخ بغدادي: بالأمس حاول محور الشر أن يصوّر الأمور بأنها انتهت من خلال التطورات الأخيرة في جسر الشغور و إدلب و الإعتداء المتكرر في القلمون، و خيّل إليهم أنهم صاروا على مقربة من إسقاط النظام السوري و محاصرة المقاومة في لبنان، وارتفعت الأصوات المأجورة مرحبة و متفائلة، وإذ بالرد الصاعق لأبطال المقاومة الإسلامية و الجيش السوري في القلمون يخرسهم.
نقول لهم: لا تحلموا كثيراً، فسوريا لن تسقط بأيدي التكفيريين و لبنان لن يكون معبراً لمشاريع التفتيت و التقسيم، و معركة القلمون التي أدهشت العدو و الصديق قد تجاوزت بإنجازاتها الحدود الجغرافية إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير، و الأيام القادمة سوف تكشف حجم الضرر الذي لحق بالمسلحين و أسيادهم.
كلام الشيخ حسن بغدادي جاء في الندوة الفكرية التي نظمتها جمعية الإمام الصادق(ع) لإحياء التراث العلمائي في مدينة النبطية بالتعاون مع النادي الحسيني للمدينة و بلديتها تحت عنوان:" العلامة السيد حسن يوسف مكي و نهضة جبل عامل العلمية و الأدبية و الإجتماعية"
معتبراً أنّ هؤلاء العلماء أسسوا لمجد و شموخ جبل عامل مروراً بالبقاع و سوريا وصولاً إلى النجف الأشرف حيث تكاملت النهضة العلمية و الأدبية و الجهادية فأصابنا ما أصابهم و أفرحنا ما أفرحهم، فالعدو واحد و الصديق واحد.
والندوة الفكرية اليوم هي تكريم للعلامة السيد حسن مكي أحد أوتاد جبل عامل ومن الذين ساهموا في النهضة العلمية والأدبية الثانية، بعدما تمكّن العثمانيون من توجيه ضربة مؤلمة إلى مكونات جبل عامل العلمية والأدبية والإقتصادية في سنة 1781م، وبعد دراسته المقدمات على الشيخ مهدي شمس الدين في مدرسة الشيخ عبد الله نعمة في (جباع)، ذهب إلى النجف الأشرف ودرس على أساطين الحوزة وعاد فقيهاً كبيراً، سكن النبطية وشيّد المدرسة الدينية ولم تنته برحيله إنما استمرت بالعلامة الشيخ عبد الحسين صادق وتلاميذه أمثال: الشيخ أحمد رضا والشيخ سليمان ظاهر فأطلقوا العنان لحفظ الهوية والوجود من خلال نشر الأدب والمحافظة على اللغة، فأرّخوا وصنّفوا القواميس وواجهوا تداعيات نهاية الحكم العثماني والإنتداب الفرنسي وتعرّضوا للسجن والتنكيل وانتصروا، ونحن مدينون لتلك الجهود والتضحيات.
كما تحدث في الندوة رئيس بلدية النبطية الدكتور أحمد كحيل الذي أشاد ببصمة و أثار العلامة السيد حسن يوسف مكي الطيبة التي قُيّدت له في كتب التاريخ بدءاً من شخصيته الفذة إلى حركته الاجتماعية إلى اهتمامه بالعلم وانشائه المدرسة الحميدية التي تخرّج منها علماء أفاضل وكتّاب وشعراء ، وباتت موضع إعجاب الفضلاء ومحلاً لزيارة النبلاء .
وأضاف أنّ بلدية مدينة النبطية تتعاون مع جمعية الإمام الصادق (ع) لإحياء التراث العلمائي التي تبذل جهداً كبيراً في برنامجها لتكريم العلماء والتعريف بهم من أجل حفظ التاريخ العمراني والأدبي والفكري، وذكر حالات أفراد من خدموا أمتهم ومجتمعهم بمواهبهم وسلكوا بها مسالك الخير والصلاح وما لذلك من الأثر الصالح في تربية النفوس وإعدادها لإنماء عاطفة الاقتداء بهم.
كما توجه بالشكر إلى جمعية الإمام الصادق(ع) لإحياء التراث العلمائي و النادي الحسيني في مدينة النبطية على الجهود المبذولة لإقامة هذه الندوة الفكرية.
وفي الختام كانت كلمة لإمام مدينة النبطية سماحة الشيخ عبد الحسين الصادق أشاد فيها بمزايا العلامة السيد حسن يوسف مكي مستعرضاً بعضاً من تفاصيل سيرته الذاتية من (حبوش) إلى (جباع) و (مجدل سلم) وصولاً إلى النجف الأشرف.
وأضاف الشيخ صادق: إن الدور الذي تركه السيد مكي لا يمكن أن ينسى، فإنجازاته العلمية والفكرية والاجتماعية في مدينة النبطية استمرت من خلال خلفه الشيخ عبد الحسين صادق وتلاميذه البررة كالشيخ أحمد رضا والشيخ سليمان ظاهر.
إن السيد المحتفى به، هو حلقة في سلسلة طويلة لا حصر لها من علماء جبل عامل الذين تتالوا في خدمة ساحتهم، وأغنوا خزينة المكتبة الإسلامية من مؤلفاتهم ونتاجهم من شتى العلوم الإسلامية وتعدوها إلى أمور علميّة أخرى: كالرياضيات والهندسة التي فاقت بهم إلى حدّ النبوغ والعبقرية كالشيخ البهائي.
فهؤلاء الأعلام لا يعلّمون العلوم الدينية والمعارف الإسلامية فقط، وإنما زرعوا في نفوس النّاس حبّ الصبر والصمود، وحبّ التضحية ومواجهة الظالم، وهكذا سجّل العامليون ببركة هؤلاء الأعلام من ما أنبتته المواعظ في جبل عامل من الروح الوطنية في نفوسهم جيلاً بعد جيل، وقد شهدنا لها شواهد بارزة وساطعة في عصرنا هذا، في صمود جنوب لبنان يوم كانت الدولة غائبة عنهم، واستطاعوا أن يدكّوا رأس العدو على تلك الصخرة، وأعظم من ذلك ما قدّموه من تضحيات عظيمة تنحني لها الهامات، هامات الأحرار في كل العالم.
حضر الندوة علماء دين و السادة النواب عبد اللطيف الزين و ياسين جابر و الدكتور مصطفى بدر الدين و فعاليات قضائية و سياسية و إجتماعية.
كما قدم للندوة فضيلة الشيخ عادل تركي.