أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

متحف التاريخ الفينيقي في مدينة صور

الإثنين 08 حزيران , 2015 08:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 11,584 زائر

متحف التاريخ الفينيقي في مدينة صور

بحر بدأ يلفظ بعضا منه عبر غطاسي المدينة، بيد ان ما تحتاجه المدينة، اعادة اكتشاف من جديد لمنطقة كانت اللاعب السياسي والاقتصادي الاهم في التاريخ الماضي. ويذهب المؤرخ مزرعاني في ارشفته الى الظواهر الاسفنجية والاصداف الموروكسية والفخاريات الصدفية التي ان عرفت قيمتها لغيرت وجهة السياحة اللبنانية. من هنا عمد الغطاس اللبناني إبراهيم قهوجي الى جمع مخزون بحر صور في متحف، يكتب عبره تاريخ المدينة الفينيقي عبر ما يستخرجه ويرصفه في قاعة بدأت تشكل نافذة مهمة للاطلالة على حضارة مدينة فينيقية شغلت العالم برمته لاكتشاف حياة واقتصاد وفن هذا الشعب. وهذا ما دأب عليه ابراهيم الباحث الشقي في بحر صور عن كنز المدينة الاثري لاستخراجه وعرضه ليكون بمتناول كل تواق الى سبر اغوار الفن الفينقي الذي عرف كيف يوظفه ويعرضه ليكون ليس فقط تحفة ساحرة بل ليكون كتابا مفتوحا على حضارة قائمة بحد ذاتها. 

طمس الهوية 

قبل 15 بدأت فكرة المتحف تتبلور في رأس ابراهيم الذي جمع آلاف القطع البحرية، إنطلق من سؤال "لم لا يكون الفن والتاريخ والحضارة مركز تلاق للناس للحديث عن ثقافة جديدة ذات شأن مهم بدلا من ثقافة طمس الهوية التي تستبيح الوطن العربي؟"، سؤال مكّن ابراهيم ان يفتح متحفه في احدى قاعات الحركة الثقافية في صور كملتقى حضاري ثقافي من نوع آخر، التاريخ الفينيقي عنوانه، والبحث عن النحت والرسم التشكيلي احد تجلياته، من يتأمل المعروضات الاسفنجية يتأكد له انه امام منحوتة عالمية غاية في الدقة، تحكي سيرة وطن متشتت وممزق، وفي اخرى يلحظ التكاتف والاخوة وهكذا دواليك تتوالى المنحوتات في سردها لحكاية مدينة صور الفينيقية.

قسم الصدفيات

يتكون المتحف الذي تعود محتوياته الى أكثر من أربعة آلاف سنة من اربعة اقسام كل منه خصص لعرض نوع من مخزونات البحر. ففي قسم الصدفيات او الموروكس تتعرف على تاريخ الارجوان والاصباغ التي اشتهر بها الشاطى الصوري قديما. في قسم المرجانيات الذي يحوي 17 نوعا منها تسبر أغوار الفن الفينيقي ، فمنحوتات المرجان حسب قهوجي تعد "إرثا فنيا راقيا جدا، وهي تساعد على فهم حركة التطور الذي عبر منها الإنسان الفينيقي الى العالمية"، في قسم الفخاريات وهو القسم الثالث من المتحف يتسنى للزائر أن يتعرف على صناعة الفخار التي اشتهر بها الفينيقيون في تصنيعها واستخدموها في نواح كثيرة من حياتهم وتجارتهم وحفظوا فيها المؤن واحتوت على 25 نوعاً.

قسم الاسفنجيات 

أما في القسم الرابع وهو المخصص للإسفنجيات التي انتشلها من البحر على مدى ثلاثين عاماً خلال ممارسته لرياضة الغطس على شاطئ صور، فتلاحظ دقة الترميم الذي قام بها قهوجي تخال نفسك في رحلة غطس إستكشافية تحت الماء لتتحول لمنحوتة طبيعية قل نظيرها. يقول قهوجي "انه يسعى ليكون المتحف قاعدة فكر-تراثية لجيل يفتقد الكثير عن تاريخه، بخاصة اننا دخلنا عصر تغير مسار التاريخ وهنا يكون المتحف ركنا من اركان بناء التاريخ الحديث-القديم في آن لاننا اليوم أحوج ما يكون لعصر نهضة التاريخ لنعالج ازماتنا الثقافية الخطيرة التي تمزق يومياتنا".

في داخل المتحف الشاهد على حضارات الشعوب القديمة التي عبرت ذات زمن من مدينة صور تعبر الى الماضي فتتعرف على مكونات أثرية لا تزال الى يومنا هذا شاهدة على الحضارات التي مرت عليها وتحكي سيرة الشعوب التي عاشت فيها، واللافت أن الفنان قهوجي حرّك أفكاره وفلسفته الفنية والنحتية بما يخدم غاياتها التي وظّفها في خدمة متحف يكون الوجه الآخر لحياة مدينة صور (البحرية) المغمورة بمياه البحر والتي أثبتت الإكتشافات أن داخل بحرها "كنزا أثريا وتاريخيا عمره اكثر من أربعة آلاف سنة، "وهذا ما أحاول إنقاذهُ عبر المتحف الفينيقي كي أحافظ على ما تبقى من آثار تركها أبناء المدينة البحرية قبل الزلزال الذي مر قديما على صور وتسبب بدمارها".

التراث التاريخي 

ويردف قهوجي قائلا : "للمتحف هدف واضح وهو تعريف جيل اليوم على تاريخ مدينة صور، وجميع محتوياته من منحوتات بحرية أثرية وأوان فُخارية وأجران وأصداف إنما وضعه لخدمة إحياء التراث لأنه آن اوان الإهتمام بتاريخنا وتراثنا بدلا من تركه مهملا أو مطمورا في البحر" ويضيف "داخل بحر صور كنز كبير توجد لوحات فنية ونحتية رائعة فكل ما جمعته في المتحف هو من إستخراجي لأنني أرسم خريطة طريق لحضارة مدفونة الى الحياة لإيفاء المدينة بعضاً من حقها وتكون بين أيدينا مقُتنيات أثرية نعتز بها، وأحافظ على تراث بلادي من العابثين به وأضعه في متحف".

لا يخفي قهوجي قلقه من حالة الترهل التي تصيب الإهتمام بالتراث التاريخي ولكنه ينطلق من مقولة شهيرة "طالما يوجد من يسعى لإخراج الكنز المدفون لا نخاف على التاريخ" ويقفز قهوجي فوق كل التجليات التقليدية في مقاربة هذا الوجه الآخر من التاريخ ليقول "إن المتحف وجد ليشكل حالة تغيير جذرية في مجتمع باتت المتاحف التراثية والتاريخية مجرد لوحة هامشية ولكن وفق قهوجي "التاريخ اليوم مهمش ولكن سيأتي يوم سيحذو حذو التاريخ العالمي ويستقطب الطلاب والجامعيين لسبر اغوار تاريخ كان يوم هوية وبات جزءا من الماضي".

رنا جوني 

البلد

Script executed in 0.19281005859375