أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

كورنيش الغازية ... «زيتونة باي» الجنوب

الإثنين 22 حزيران , 2015 09:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 13,296 زائر

كورنيش الغازية ... «زيتونة باي» الجنوب

فيبدأ رواده يومهم مع شروق الشمس ولا ينهونه إلا مع ساعات الفجر الاولى، هنا يمارسون رياضاتهم الصباحية والمسائية، يأتون إلى الكورنيش هرباً من هموم الحياة وضغوط العمل، وعندما تنسحب الشمس ببطء، يتسارع محبو السهر بعد الإفطار إلى الكورنيش، للسهر و «تدخين» النرجيلة، وتناول منقوشة على الصاج من تحت «ديّات» أبي أحمد.

تشكل العائلات الأغلبية الساحقة من رواد الشاطئ، أما العناصر الشابة فهي تحيي «روح» السهر، ويأتي معظمهم إلى الكورنيش لمتابعة نشاطات كرة القدم، تلفزيونياً، لا سيما عندما تكون ثمة مباراة حاسمة بين «الريال والبرشا» (ريال مدريد وبرشلونة)، من خلال شاشات كبيرة تتوزع في مقاهي «الأكواخ» الخشبية الستة، المرخصة من البلدية.

ترك أهل الغازية أندية الرياضة وآلات المشي في البيوت، ليمارسوا رياضاتهم الصباحية والمسائية في ناد «مطلق» اسمه «الكورنيش»؛ وتحول رواده مع الوقت إلى مواظبين دائمين على تمارينه الرياضية، ومنهم «أبو حيدر» الذي اعتاد أن يأتي كل صباح من البيسارية ليمارس الرياضة قرب البحر فهي «دواء ببلاش» على حد تعبيره.

يقول هشام حرب، عضو مجلس بلدية الغازية: «غالباً ما تختفي مظاهر الحياة في الجنوب ليلاً، فيقصد رواد السهر بيروت حيث النبض لا يتوقف، إلا أن الرئيس السابق للبلدية الحاج محمد سميح غدار حوّل شاطئ الغازية من مكب للنفايات إلى واجهة لهذه المدينة الساحلية، وصار الجنوبيون يتقاطرون من القرى المجاورة ومن مناطق أبعد، في قضاءي صيدا والنبطيّة، وحتى من صيدا نفسها، إلى كورنيش الغازية الذي تحوّل إلى نقطة جذب رئيسية أطلق عليها البعض اسم (زيتونة باي) أي على طول الكورنيش الممتد من مفرق بلدة الغازية وصولا إلى الزهراني».

يضيف: «هنا تتبدل مظاهر الحياة في ديكور واحد، بين خيم بحرية ملونة، وكراسٍ خشبية، وباعة متجولين ترتفع على عرباتهم (عرانيس) الذرة المشوية أو المسلوقة، الفول، والترمس، الفوشار، إلى وجبات خفيفة وألعاب للاطفال، فضلاً عن بائع الورد الصغير. وثمة ركن لتأجير الدراجات الهوائية، للكبار والصغار، وألعاب نفخ مطاطية وأكثر من قطار يعرض الفرح على الأطفال بجولة على رصيف الكورنيش».

الصيادون

لصيادي السمك حصة من «كورنيش الغازية»، لكن عددهم يفوق في كثير من الأحيان ما تحويه سلالهم من سمك متواضع الحجم. يختار أبو «داود» زاوية يضع فيها سلته وعدة صيده، يعقد الخيط بصنارته ويقطّع «القريدس» إلى أجزاء صغيرة ليستعملها طعماً للسمك، مؤكداً أنه يأتي «إلى هنا لأمارس هوايتي برواق ليس أكثر».

قطار الفرح

وحدهم الصغار يحصدون على كورنيش الغازية الفرحة كلها، فلهم «قطارهم» الخاص بالفرح، مزين بالبالونات، وصور أبطال أفلام الكرتون. هو يتسع للعشرات منهم، يقلهم، فيرقصون على أغاني ريمي بندلي «طيري طيري يا عصفورة»، يدور بهم على طول رصيف الكورنيش، بألف ليرة فقط. كما أنه بات يستهوي الكبار، فيستقلونه طمعاً بمشاركة أطفالهم الفرحة.

«سيلفي» والبحر خلفي

إنّ أكثر ما يفعله رواد الكورنيش لحظة وصولهم، هو مسارعتهم إلى التقاط صور «السيلفي» (ذاتية) المذيلة بعبارة «سيلفي والبحر خلفي» على مواقع التواصل الاجتماعي. ونظم موقع «الغازية بيتي»، أخيراً، حملة لتشجيع الصفحة، انطلقت من الكورنيش، بتصوير رواده ونشرها على الصفحة.

لم يسجل الكورنيش حادثة أمنية واحدة، حيث تحرص بلدية الغازية دائما على الارتقاء بحديقة الكورنيش، نحو أفضل المواصفات. يعتبر توفيق الحاج من بلدة العدوسية في قضاء الزهراني أن «كورنيش الغازية في منطقة ساحل الزهراني بات مشروعاً تنموياً بامتياز، إذ وفر مساحة رائعة للزوار، لرؤية البحر مع جلسة مريحة بعيداً عن القلق والخوف من الأوضاع الأمنية التي أرهبت اللبنانيين وألزمتهم منازلهم».

مقصد المصورين

باتت مشاهدة مصور فوتوغرافي مع عدّته عند شاطئ الغازية من بديهيات الأمور. يقول رئيس جمعية بيت المصور في لبنان الزميل كامل جابر: «لطالما لفتني، كمصور، هذا التغيير الجذري في شاطئ الغازية من مرتع للنفايات إلى واحة صيد للصور، فهذا التحول الجميل جعله هدفي في التصوير عشرات المرات، لمراقبة تلاطم الموج وأفول شمس المغيب وحركة الغيم، ولم أكتفِ بذلك بل نظمت من خلال جمعيتنا، «جميعة بيت المصور في لبنان» زيارة لتلاميذي في صف فنّ التصوير إلى شاطئ الغازية المطلّ من ارتفاع على البحر المتوسط، وكأنّه منارة، وذلك من أجل التدليل على أهمية التحول من البيئة الملوثة إلى البيئة السليمة، وكي يستفيدوا من هذه الحديقة البحرية المستجدّة، ويتعلموا كيف يمكن تجيير هواية التصوير في خدمة الطبيعة والبيئة وحمايتهما»...

وشهد الكورنيش البحري في الغازية تنظيم ماراتون رياضي حاشد تحت عنوان: «نجمة الغازية الذهبية»، تعزيزاً للعيش المشترك، شارك فيه الآلاف من الطلاب، والفاعليات.

«هناك شعوب تحلم بأن تكون مدنها أو قراها على حدود البحر لاكتساب المزيد من الجمال والاستفادة من نعمة البحر، ومشهد الغروب، وهذا بات متوافراً في الغازية بفضل الكورنيش»، يقولها الحاج عادل من إقليم التفاح وهو ينفث دخان نرجيلته نحو البحر.

الكورنيش

كورنيش الغازية «درب» ساحلي يطل على البحر، يقع بين مدينة صيدا شمالا ومنطقة الزهراني جنوباً، تم افتتاحه في عيد التحرير 2013، بطول كيلومتر واحد وعرض يتراوح بين 20 و40 متراً، وقد أُنشئ هذا المشروع على نفقة رئيس البلدية السابق الحاج محمد سميح غدار.

هبة دنش 

السفير بتاريخ 2015-06-22 على الصفحة رقم 4 – محليّات

Script executed in 0.1954460144043