وأصبحت بساتين الحمضيات على موعد موسمي مع عملية قطع أشجار جديدة من جذورها والتخلص منها، بعدما أصبحت عبئاً متراكماً على المزارعين، وهو موعد يفصل بين انتهاء الموسم والاستعداد لموسم مقبل، في ظل اشتداد مشاكل هذه الزراعة، خصوصاً لجهة الكلفة المرتفعة وأزمة التصدير التي ارتفع منسوبها العام الحالي بفعل إقفال المعابر البرية بين سوريا والأردن.
وكان الإنتاج الزراعي اللبناني يصدّر عبر المعابر البرية، وعلى رأسها الحمضيات، الذي يتجاوز إنتاجه السنوي مئتين وخمسين ألف طن، لكن السوق اللبناني لا يستوعب منها أكثر من ثلاثين في المئة، فيما يلجأ أصحاب البساتين إلى استبدال زراعة الحمضيات بزراعات أخرى، مثل الموز الذي يجتاح السهول، والمزروعات الاستوائية، كالأفوكا والقشطة والجوافة، لكونها أقل كلفة وأسرع إنتاجاً، ولديها قدرة استيعاب في السوق المحلي.
ينهمك رضا عون في الاشراف على قطع عشرات الدونمات المغروسة بالحمضيات في سهل بلدة طيردبا شرق صور، مؤكداً أن خيار قطع هذه الاشجار، التي كانت تكسو السهل منذ أكثر من أربعة عقود، قد جاء بعد تفاقم مشاكل قطاع الحمضيات على الجهات كافة، بدءاً من الكلفة الباهظة التي لا يعوّضها الإنتاج، وصولاً الى القلق السنوي على مصير المواسم بسبب أزمات تصدير الانتاج، وآخرها وقف التصدير براً.
ويقول عون إن «ترك الامور على حالها سيضاعف المشكلة، وانطلاقاً من ذلك لجأت الى قرار اقتلاع هذه الاشجار، حتى لا يستمر النزف، ولأتوجه الى زراعات بديلة خفيفة وخضار موسمية، أقل خسائر وأقل كلفة».
أما المهندس الزراعي علي طه فيوضح أن خطوات المزارعين، المتمثلة باقتلاع أشجار الحمضيات في سهول المنطقة، سببها تفاقم مشاكل زراعة الحمضيات في المناطق الساحلية، التي سبق وتضاعفت زراعتها بشكل كبير مع توفر مياه الآبار الإرتوازية، الى جانب مياه مشروع نهر الليطاني التي تروي آلاف الدونمات.
يشير طه إلى أن زراعة الحمضيات بدأت تتراجع لمصلحة الموز منذ أوائل التسعينيات، وترافقت مع اقفال العديد من معامل توضيب الحمضيات بعد افلاس الكثير من أصحاب هذه المعامل، ثم توالت مع الارتفاع الجنوني لكلفة زراعة ومتابعة أشجار الحمضيات، والتي تشمل الأدوية الزراعية والأراضي.
وتبلغ قيمة ايجار دونم الارض الزراعي نحو مليون ليرة، نظراً لارتفاع أسعار الاراضي، خصوصاً الساحلية، التي تكثر فيها هذه الزراعة، في ظل التصويب على الأراضي المذكورة لإقامة المشاريع العمرانية، نتيجة تشريعها وإعادة تصنيفها لمصلحة البناء على حساب الزراعة.
يعتبر طه أن «ما يحصل هو واقعي، خصوصاً أن نسبة ثمانين في المئة من إنتاج الحمضيات يعتمد على الاسواق الخارجية، ووقف هذه الاسواق يشكل كارثة على الزراعة والمزارعين»، مؤكداً أن «سوء استخدام الأدوية الزراعية من جانب المزارعين في مكافحة مشاكل وأمراض المزروعات، يمنع المنتوجات الوطنية من الدخول الى الأسواق الأوروبية».
حسين سعد
السفير بتاريخ 2015-07-07 على الصفحة رقم 4 – محليّات