حيث فضل معظم الصيداويين عدم ارتياد البحر تجنبا للافطار عبر بلع المياه او العطش والجوع.
لم يكن الشاطئ الصيداوي قبل سنوات يعرف هذا الكم الهائل من "القناديل البحرية"، كما حال الشواطئ الجنوبية، منذ سنوات تكاثرت بطريقة لافتة وغريبة وباتت لسعاتها المؤلمة تنغص على رواد البحر متعة السباحة، وحرمتهم الانتفاع من مياهه بخاصة في منطقة "الزيرة" قبالة القلعة البحرية و"المسبح الشعبي" الاكثر اكتظاظا حيث يقصده الفقراء وذوو الدخل المحدود لان الدخول اليه مجان.
عند "زيرة" صيدا، تطفو على سطح المياه المئات من القناديل التي تحملها التيارات البحرية إلى المكان، وقد استطاع احد السباحين التقاط صور فيديو لها وهي تظهر بالعشرات بألوان مختلفة واحجام متنوعة وبشكل منتظم، ما احدث حالة من الهلع بين السباحين، رغم انهم باتوا يعلمون جيدا كيفية التصرف مع تلك الكائنات البحرية الرخوة.
ظاهرة طبيعيةً
ويؤكد ناشطون بيئيون، أن تكاثر قناديل البحر في هذا الوقت من السّنة يعد ظاهرة طبيعيةً تشهدها الشواطئ اللبنانية بفعل ارتفاعِ درجة حرارة المياه، لكن ظهورها كان كثيفاً هذا العام، وذلك لتقلص عدد السلاحف البحرية التي تتغذى بهذه القناديل ويعيش منها ستة أنواع في المياه اللبنانية، موضحين "انها متواجدة بكثرة هذا العام، على عكس العامين الماضيين، وان رحلتها تبدأ من مضيق جبل طارق، فتعبر المغرب والجزائر وتونس وليبيا وفلسطين، ثم لبنان لترحل نحو سورية وتركيا... فيختلف توقيت تواجدها في البحر بين البلدان وفق خريطة عبورها".
مخلوقات لاعدائية
ويوضح نقيب الغطاسين المحترفين في لبنان محمد السارجي "ابو العباس"، ان هذه المخلوقات البحرية ليست عدائية كما يعتقد الكثير من الناس، مشيرا الى ان ليست لديها عينان، ولا نظام هضمي طبيعي، هي لا ترى، وبالتالي ليست في صدد الهجوم على احد، بل تنتظر منا كبشر، ان نبتعد عنها كي لا نصاب بلسعاتها"، موضحا في الوقت نفسه ان لسعاتها مؤلمة! لكنّ مادة بسيطة كفيلة بمعالجة الحرق، انه الخلّ في حال ملامسة سمّ القنديل جسد السابح بالاسراع في وضع الخل لأنه يساعد على التخفيف من الالم والاحمرار ويستعين الصيادون بمادة المازوت احيانا.
وعلى عكس اعتقاد البعض الآخر، فان النفايات لا تجلب هذه القناديل، فهي لا تأكلها، بل تتغذى بشكل عام على بيوض ويرقات الأسماك كما على الهائمات الأخرى من العوالق البحرية الحيوانية، اما هي فتشكل غذاء اساسياً لسلاحف البحر واسماك أخرى، وفق ما يقول السارجي الذي يشير الى ان "القناديل البحرية مختلفة الانواع والمسميات والنوع الموجود في لبنان ليس مؤذيا او خطرا، على عكس النوع الموجود في استراليا وهو قادر على قتل الانسان خلال ثوان".
موسم وهواية
ومن "الزيرة" الى "المسبح الشعبي"، ثمة مسافة كبيرة فاصلة، لكن القناديل البحرية تجد فيها مرتعا قريبا من الشاطئ الرملي، بعض السباحين احترفوا هواية جمع القناديل التي عادة تبدأ بغزو الشاطئ في النصف الاول من تموز مع ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة، وتستمر إلى النصف الأول من شهر آب بتراجع تدريجي الى ان تختفي بعد ذلك نهائيا.
ويقول الشاب محمد حنقير، الذي اعتاد ان يقصد الشاطئ يوميا لممارسة هواية السباحة على قاعدة "البحر يشفي كل الامراض"، انني اسبح بشكل عادي واذا صادفت قنديلا قمت بحمله بطريقة لا تؤذي حيث اضعه بصندوق بلاستيكي على الشاطئ تاركا إياه وحيداً على الرمال عرضة للذوبان والتلاشي، فيما انبه الناس إلى ضرورة عدم لمس الإفرازات المخاطية التي ينتجها القنديل.
بينما يخالف الرأي زميله علي زيدان، الذي يؤكد انني اتحاشى لمسه او حمله او نقله، وكثيرا ما انزل الى البحر وعندما اشاهد القناديل بكثرة، افضل عدم السباحة حتى لا تلسعني، اذ اكتويت بحرقتها ثلاث مرات وقلت لن اكرر ذلك، فساعة الم ووجع تذهب متعة السباحة.
ظاهرة غريبة
والعام الماضي كسر المعتاد، ظاهرة غريبة حدثت للمرة الاولى في مدينة صور، اذ غزت المئات من قناديل البحرالشاطئ الرملي الجنوبي ونفقت عليه اعتباراً من الاستراحة ووصولاً الى شاطئ الرشيدية، فيما رصد البحارة آلاف القناديل في المياه الصورية على اعماق مختلفة. ومن المعروف، ان قنديل البحر هو كائن هلامي يتكاثر ويقترب من شواطئنا خلال فصل الصيف وتحديداً بين شهري تموز وآب عندما ترتفع درجة حرارة المياه، الا ان ظهور القناديل في شهر شباط يعتبر ظاهرة غريبة جداً وغير مألوفة على الاطلاق.
وقال البحار سليمان نجدي في العقد السادس من العمر، انه منذ طفولته وحتى اليوم لم يشاهد في حياته قناديل البحر في شهر شباط او في فصلي الشتاء والربيع عموماً حيث كان ظهور هذه الحيوانات البحرية مرتبطا ارتباطاً وثيقاً بفصل الصيف فقط
محمد دهشة
البلد