أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

أبو حسن... آخر المبيّضين

الخميس 23 تموز , 2015 06:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 4,637 زائر

أبو حسن... آخر المبيّضين

"مبيّض.. مبيّض"، كان صوت "المبيض" يصدح بها خلال تجواله في القرى والبلدات الصغيرة، لتتحلق النسوة والأطفال حوله، يحملون أوانيهم النحاسية من طناجر وأباريق شاي وركاوي قهوة، والتي غطاها اللون الداكن.

يفترش المبيض عدّته ويحمل قماشة بيده فيما رائحة دخان القصدير والنشادر والملح تنبعث من القدر الذي يُبيضه.

أبوحسن آخر المبيّضين الموجودين في مدينة صور، والذي مر عليه في هذه المهنة أكثر من خمسة وخمسين عاماً، يجلس على الرصيف المحاذي للطريق البحري لمدينة صور (جنوب لبنان)، ليعمل على تبييض بعض الطناجر النحاسيّة التي حلّت محلها طناجر "التيفال"، وبالكاد يجد زبائن قلائل لمهنته التي تلاشت.

يقف المارة ليراقبوا عمله بإعجاب، يبتسم أبوحسن لهم ويقول: "إنّهم مندهشون من هذه المهنة التي انقرضت، ولم يعد أحد يسمع عنها أو يراها، وكأنّهم يشاهدون مهنة غريبة عن واقعهم، وحياتهم، فهذا الجيل لم يرَ مبيّضاً يعمل، لذلك فأنا أشعر بالسعادة وأنا أعمل وأستمع إليهم يسألونني عن مهنتي". 

تعلّم أبوحسن هذه الحرفة من أبيه إلا أن أولاده يرفضون أن يتعلموها، ويقول: "أسعى لنشر ثقافة هذه الحرفة التراثية من خلال تجوالي في المدن والقرى اللبنانية".

كان المبيّض يعرف أوضاع الناس وطريقة حياتهم ومدى ثراء الأسرة أو فقرها بعدد أواني النحاس التي تمتلكها، فكانت تستخدم الأواني النحاسية في طهو الطعام وخاصة في الولائم، ومنها ما كان مخصّصاً لغسل الملابس، كما كانت الأواني النحاسية جزءاً من جهاز العروس التي كانت تتباهى بين الناس بنحاسها.

غير أن أبو حسن يلفت إلى أنّ الدخان يتصاعد من حوله خلال عمله، نتيجة المواد التي يستخدمها "النشادر والملح والقصدير" لإزالة اللون الداكن عن "الطناجر"، يحمل ملقط الحديد بيده ويلتقط طرف الطنجرة، ويضعها على النار، وقبل العمل يتفحّص جيداً مادة النشادر، لتنطلق مرحلة التبييض

خليل العلي - العربي الجديد

Script executed in 0.19413685798645