أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

عيتا الشعب.. «خلّة وردة» العطشى!

السبت 15 آب , 2015 02:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 5,790 زائر

عيتا الشعب.. «خلّة وردة» العطشى!

لم تتغيّر ملامح الرجل المسنّ وإنّما تابع عمله مبتسماً. دقائق وينفض أبو هادي ورقة التبغ بعصبيّة لافتة، ثم ما يلبث أن يميل برأسه يمنة ويسرة لشكّ الورقة بسيخ حديد موصول بخيط طويل انتظمت فيه الأوراق الخضراء.

لا تحتاج إلى توجيه السؤال لتكتشف علاقة الجنوبي بشتلة التبغ. هي إذاً ليست مهنة التاريخ، بالنسبة لأبو هادي، وإنّما هي «نعمة الأرض العطشى». وهذه التسمية تعود لكون هذه الزراعة لا تحتاج إلى كميّة كبيرة من المياه.

ولذلك، فقد لجأ سكان المنطقة على طول الشريط الحدودي، الى اعتمادها كزراعة أساسية وتحوّلت إلى طقسٍ يمارس على مدار الأشهر.

يشكو الرجل الجنوبي من عدم وجود المياه في عيتا الشعب، لأن المحوّل (سكر المياه) الموجود في قرية كفرا قد حُوّلت وجهته من عيتا إلى قرية كفرا ما تسبّب بأزمة مياه تضاف الى المشكلة الدائمة في المنطقة على طول الخط من قرى: رامية وبيت ليف فعيتا الشعب ثمّ رميش فعين إبل.

وهذا الأمر استدعى اجتماعاً عاجلاً لاتحاد بلديات بنت جبيل، إذ أنّ المنطقة تتغذى بالمياه من صور، حيث يوجد «خط دفع» يحولها نحو كفرا. ومن هناك، تتفرّق الانابيب في اتجاهين واحد يكمل صعوداً والآخر يذهب نحو رشاف والقرى المحيطة.

وإزاء هذه الأزمة، فإنّه توجد في عيتا الشعب بئر مياه خاصة وأخرى للدولة. الأولى يعمل بها خلال أشهر الصيف، بحيث تتولّى البلديّة دفع مبلغ 5 آلاف ليرة على كل نقلة خاصة بالمياه للتخفيف عن الأهالي. فيما يصل سعر النقلة من البئر إلى وسط القرية 20 الف ليرة، و25 ألف إلى أطرافها.

أمّا البئر التابعة لمصلحة مياه الجنوب فإنها تضخ المياه إلى الخزان الرئيسي في القرية ومنه تذهب المياه، إن توفّرت في أنابيبها، إلى المشتركين الذين يدفعون سنوياً 100 ألف ليرة اشتراك في مياه لا تصل إلى المنازل.

ولكن كيف الامر مع انقطاع الكهرباء وتأثيرها على المياه، خصوصاً أنّ مولدات دفع المياه تحتاج إلى كهرباء؟

يجيب رئيس البلدية يوسف سرور بأنّ البلديّة تتولّى شراء المازوت لتشغيل المولّدات الكهربائية كي يتم تشغيل مولد دفع المياه (دفّاش)، مما يرتب عليها تكاليف اضافية وهو ما حصل منذ مدة حين اشترت البلدية 1500 ليتر مازوت لتشغيل المولد.

ويؤكّد سررور لـ «السفير» أنّ «شغلنا الشاغل هو في كيفيّة تأمين المياه والكهرباء للسكّان. إذ أنّنا نقوم يومياً خلال فصل الصيف بتأمين حوالي 60 نقلة مياه عبر 25 جرّاراً، بالإضافة إلى 10 بيك أب مجهزة بخزان مياه للتوصيل إلى المنازل».

ولذلك، قد لا تجد بيتاً في عيتا إلا وبجانبه بئر صغيرة لتجميع المياه في الشتاء بالكاد يسدّ حاجات المنزل لشهر واحد. وذلك بالإضافة إلى بركتين زراعيتين تتجمّع فيهما مياه الشتاء والطرق غير الصالحة، وهي بالكاد تكفي أيضاً لريّ المزروعات في مجتمع زراعي يعتمد بشكل كامل على الحقل.

هنا في عيتا، لا يهتمّ السكّان كثيراً بالكلام عن رمزيّة قريتهم التي ازدانت بصور لحوالي 9 من «شهداء الدفاع المقدس» الذي يجاورون حوالي 11 شهيداً سقطوا خلال حرب تموز.. وإنّما جلّ اهتماماتهم ينصبّ على كيفيّة تأمين المياه والكهرباء!

السفير 

Script executed in 0.21989679336548