أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

صور مدينة السياحة من بوابة المتاحف

الإثنين 17 آب , 2015 09:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,256 زائر

صور مدينة السياحة من بوابة المتاحف

لا يمكن الحديث عن قيمة سياحية دون الاخذ في الاعتبار اهمية المتاحف التي تحتضنها المدن، فالمتحف شكل وعلى مر العصور قراءة واقعية لحضارة الشعوب. باختصار هكذا يمكن قراءة واقع متحف يفرج عنه محمود دكور للتراث الذي يشكل متنفسا ثقافيا في سياحة المتاحف في صور. المدينة التي تشهد اليوم ثورة في عالم السياحة، والتي تحولت الى المدينة اللبنانية الاكثر التصاقا بسياحة المعالم والمرافق التراثية التي تكتنزها مدينة الارجوان.

واقع مدينة

لا يسع زائر المدينة هذه الايام الا ان يتوقف عند نهضتها، زحمة رواد تجتاح معالمها، بدءا من سوقها التجاري وحكايته مع تاريخ المدينة الفينيقي. داخل السوق يتسنى لك ان تكتشف بيئة "الصوريين" وثقافة تاريخهم العريق الذي خُلد في بعض متاحف المدينة، وأرشفته صور عدد من مصوري المدينة القدماء. مرورا بمعالمها التاريخية وصولا الى متاحفها البحرية والتراثية لعل ابرزها متحف التراث الفلسطيني والتاريخ الفينيقي اللذان يجمعان القضية والتاريخ في مشوار "تأسيس واقع مدينة تنافس كبرى مدن العالم".

تنام صور على واقع وتصحو على آخر، لا تشبه يومياتها واقع لبنان، وكأنك في مجتمع يقفز فوق "ازمات مجتمعه" ليعيش لحظة تجل وتصوف لاجل "حرية انسان يأبى الانكسار". تعبر من قرب مرافئها تخال نفسك في مدينة الاستانة، رجال يعاندون التعب، اكل البحر من حياتهم، شباكهم تخبر حكايتهم في رحلة الصيد التي تنتهي في اسواق السمك، بيوتها العتيقة، ذات القناطر المقببة، وشبابيكها الخشبية التي تقع قبال المرفأ تؤكد لك قيمة " حفظ تراث صور".

تاريخ عتيق

ما زالت تلك المدينة تسرح في عالم التاريخ العريق، تلبس جلباب العصر وتمضي في القها، زحمة الحياة الصاخبة التي تعيشها مطاعمها المنتشرة عند شاطئها الرملي، تخفت عند بوابة متحف التراث الفلسطيني، هنا في هذا المتحف تكتشف اسرار الحياة الفلسطينية التي نقلها ابناء الشتات وخلدوها في يومياتهم، لا يختلف اثنان على اهمية سياحة المتاحف في زمن باتت فيه "ثقافة التاريخ" ابرز عناوينه. ولا يتردد محمد دكور صاحب المتحف الذي اسسه في تسعينيات القرن الماضي في صور، بالقول "ارث التاريخ يجب ان يخلد في متحف، لاننا دخلنا زمن طمس التاريخ والهوية والتراث، لذا وجب ان نبرز واقعا آخر من السياحة، المتحف يحفظ ارثنا ولكن للاسف لا يأخذ مجده المطلوب".

قطع نادرة

يشكل المتحف الذي يحوي آلاف القطع النادرة التي حملها الفلسطينيون معهم، بوابة ولوج الى عالم التراث وحكاية صمود شعب يأبى ان "تضيع هويته وسط فوضى الثورات المزيفة" على حد تعبير دكُور الذي يبسط نمطا جديدة من سياحة المدينة الناشطة. لم يبخل دكُور يوما في تقديم ثقافة واقعه في قالب بسيط، بل جذب السائح اليه عبر اتباعه خريطة طريق عفوية لمقتنيات متحفه التي جمعها من كل حدب وصوب، فتحدى الصعوبات، وواجه الكثير من المآزق التي حالت دون حصوله على بعض النحاسيات والفخاريات والعملات التي تعود الى ما قبل الـ1948 "البحث عنه كان مهمة شاقة تواصلت مع كل ابناء فلسطين في الشتات وداخل ارض الوطن، الصعوبة الكبرى كانت في اقناع كبار السن في التخلي عنها، لكنهم كان يرضخون حين اخبرهم انني سأحميها في متحف سيزوره الآلاف لينشروا حكاية وطن مزقته اسرائيل وجمعت تاريخه في متحف بسيط".

متحف التراث

استحوذ متحف التراث الفلسيطيني على اهتمام سياح المدينة، شكل مفصلا بين تاريخين، وحكاية وطن وشعب وتاريخ، سيما انه يحوي مقتنيات نادرة جدا لعل ابرزها قطعة ذهبية تحمل شجرة الزيتون شعار صمود الفلسطينيين تعلوها قبة الصخرة، اضافة الى قفل سجن عكا، ووسام الشرطة الفلسطينية الذي يعود لعام 1945 يحمل صورة الملك جورج السادس من جهته الاولى، ومن الثانية صورة ملاك الرحمة.

حين تغوص في عالم متحف التراث الفلسطيني، تكتشف صورة مصغرة عن واقع اكبر وفق ما يقول دكور الذي تعلم من لملمة التاريخ "رصد متغيرات الواقع، وتحمل مسؤولية كيف تخرج الصورة الاجمل لمجتمعك، تاريخك، تراثك، لانها الطريقة الانجح لتثب للزائر ان احدا لا يمكن سرقة تاريخك الا اذا اردت".

لم يترك دكور سوقا او بلدا او منزلا الا وطرقه بحثا عن قطعة نادرة، او انية قديمة تحمل في طياتها صورة بلد الصمود على حد تعبير دكور الذي يعترف ان "لكل قطعة في متحفه نكهة وقيمة خاصة، يكفي انها من رائحة ارض لن يقوى على كسرها احد".

بين مخطوطات عتيقة تحكي قصة ارض فلسطين، وجواز سفر يأمل ان يحمله معه ويغادر به اليها يتنقل دكور، رافعا شعار " ان لم تتمكن من كتابة التاريخ السياحي لوطنك، ادفع بتراثك ليحكيه، هي اصدق انباء في زمن غلبت عليه ثورات الصمت" يرمي بكلماته على ورقة قديمة تعود لعام 1925 " هذه ايصال بالتبرع لترميم المسجد الاقصى، الذي سنزوره قريبا".

 

الواقع الثقافي

لم ينس دكور ان يعرج على الواقع الثقافي والادبي والفني لبلده، ما زالت اصوات الاغاني القديمة تصدح في المتحف، وما زال صوت الختيار بأمثاله الشعبية يعلو من زواياه، فيما خصص جزءا من متحفه للعادات والتقاليد والكتب التي تؤرخ للنكبة وما بعدها جلَها من الكتب النادرة التي يفتخر انه حفظها ليحمي وطنه .

بين المتحف ومدينة صور قصة عشق من لون الصمود، وحكاية وطن ينتفض على نكساته فيحكي تاريخه بلون السياحة.

رنا جوني

البلد

Script executed in 0.19248485565186