علماً أن إنتاج التين يسجل تراجعاً عاماً بعد عام، بسبب تخلي أبناء هذه المنطقة عن زراعته، وتوقف العناية بأشجاره، وتقلص المساحات المزروعة لمصلحة الزيتون، ناهيك عن الأمراض الناتجة عن تقلبات الطقس، التي تؤدي عادة الى تشقق واهتراء الثمار وهي في طور النضوج.
يعتبر التين الحاصباني، وبحسب العديد من الجهات الزراعية المعنية، والمشرفين على معامل التوضيب، من أجود الأنواع، بسبب طبيعة هذه المنطقة ومناخها المعتدل، وإبعاد هذه الشجرة البعلية عن اية مواد كيماوية، لتنال هذه الثمرة شهرة واسعة، جعلتها تغزو الأسواق اللبنانية، فباتت فاكهة مطلوبة، ومحط اهتمام المطاعم ومصانع ومعامل التوضيب، لتعطي بالتالي مردوداً لا بأس به لمئات العائلات في هذه المنطقة.
إحصاءات التعاونيات الزراعية في المنطقة، تحدثت عن تقلص المساحات المشجرة بالتين الى أقل من 70 في المئة، خلال السنوات العشر الماضية، وبالتالي انخفاض واضح لإنتاجه والذي وصل الى حدود الـ 50 في المئة. ففي حين كانت الكمية خلال الأعوام الخمسة الماضية تصل إلى حوالي الـ 100 طن يومياً، فهي اليوم تتراوح بين الـ 50 والـ 40 طناً فقط، كما هناك تأثير سلبي للإنتاج ناتج عن تقلّبات الطقس، فهناك الحرارة نهاراً والبرودة ليلاً، يُضاف ذلك لتكوّن الضباب فجراً وما يحمله من قطرات ندى رطبة تدخل الى قلب كوز التين، لتضربه من الداخل، وفي الكثير من الحالات تتشقق الثمار قبل أوانها وتسقط أرضاً، كما اصابت الأمراض نسبة عالية من الأشجار، ومنها الرمد والحلزون، الذي يجعل الأوراق تصفر والأكواز ايضاً ليقف نموها وتذبل وهي على أمها.
العديد من مزارعي المنطقة الحدودية كما يقول ابو احمد القادري، عادوا مجدداً للاهتمام بزراعة التين بعدما تخلّوا عنها لفترة طويلة، يحفزهم على ذلك ارتفاع أسعار ثماره، والكساد اللاحق بالزيتون، حيث تسجّل خسائر سنوياً لدى المزارعين تنهكهم وتنكّد عيشهم، القادري يضيف علينا جميعاً العودة الى شجرة التين لتزرع من جديد في حقولنا، بعدما كانت قد غيّبت عن الخريطة الزراعية منذ أكثر من ربع قرن، بسبب عدم التمكّن من تصريف الإنتاج وانخفاض الأسعار، ولكنها اليوم أثبتت أنها قادرة على دعم المزارع اقتصادياً، فكان أن عادت لتغدو محطّ اهتمام شريحة من المزارعين لزيادة الطلب على التين وارتفاع أسعاره.
نائب رئيس تعاونية الزراعات البعلية وتربية النحل نهاد أبو حمدان، أسف لتخلّي الجهات المعنية عن دعم هذه الزراعة، في ظل الكساد الحاصل لمواسم الزيتون، بحيث يمكن للتين إذا تمّ دعم زراعته أن يغطي جانباً من حاجيات أبناء هذه القرى الحدودية، بعدما تبين أن هناك طلباً كبيراً على هذه الثمرة وأن أسعارها إلى ارتفاع، في حين أن تكلفتها والعناية بها، لا تتطلّب جهداً ينهك المزارع، فهي نبتة بعلية وليست بحاجة لمقويات كيماوية او حتى حراثة.
سامر حمدان احد العاملين في تسويق التين، يوضح أن «الكمية المعروضة أدنى بكثير من الطلب، حيث الزبائن باتوا كثراً، ابتداءً من الأسواق الشعبية حتى السوبرماركات الكبيرة، ناهيك عن المصانع ومعامل التعليب، التي تستهلك كميات كبيرة نعجز عن تأمينها». ويضيف: «إني أجمع التين بشكل يومي مباشر من الكروم وبمعدل 2 الى 3 طن يومياً، فهذا الموسم بدا مقبولاً ويدر على المزارعين مردوداً جيداً يسدّ جانباً من الحاجات مع بداية الخريف، حيث تكثر المصاريف ومتطلبات الحياة من مدارس ومحروقات ومؤونة الشتاء».
رئيس بلدية كفرحمام علي فارس يشير إلى أنه «اتخذ قراراً بدعم وتشجيع زراعة التين في قرى العرقوب، حيث اطلق تسمية عرس التين على المهــرجان السياحي، الذي قررت البلدية إقامته بشكل سنوي بحيث يتربع التين العرقوبي، ويأخذ حيزاً هاماً في نشاطات المهرجان كافة، كما يقدم التين كفاكهة أساسية للمدعوين كافة من مختلف المناطق اللبنانية، فعلينا إعادة شجرة التين الى عزها الى جانب شجرة الخير الزيتون فنحن أبــناء هذه القرى كنوزنا مزروعاتنا».
طارق ابو حمدان
السفير بتاريخ 2015-09-02 على الصفحة رقم 8 – إقتصاد